أقمنا الدنيا ولم نقعدها في كل البلاد الإسلامية حين تعرضت صحف أوروبية لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالإساءة، وخرجت المظاهرات الاحتجاجية، وثار الإعلام العربي الإسلامي، وانطلق علماء الدين يخطبون بحماس شديد، منددين بما تعرض له الرسول الكريم من إساءة من قبل صحف أوروبية.. ورفعنا شعارات «إلا رسول الله»، وقاطعنا كل منتجات تلك الدول التي تصدر فيها الصحف، وطالبنا الأنظمة بالاعتذار من «حكومات» تلك الصحف، وكذلك الصحف، وأصدرنا القوائم ونشرناها في كل مكان بالسلع والمواد التي يجب مقاطعتها. المهم ثار الشارع العربي والإسلامي، وثار الإعلام العربي والإسلامي، وتسابقت الأحزاب والساسة ومشائخ الدين للدفاع عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. لكن كالعادة انتهت الزوبعة ولم تتعد الفنجان، وهدأت الأمور، وعدنا إلى حياتنا العادية والرتيبة، وكأن كل شيء قد انتهى!! مع أن الموضوع لم ينتهِ، والهجمة ضد الإسلام والمسلمين مخططة ومبرمجة على مراحل وعلى المدى البعيد، وهي لم تكن وليدة اليوم، لكنها بدأت منذ القرن الخامس عشر الميلادي حين بدأ الصراع بين المسلمين والمسيحيين تحت تأثير الفكر المسيحي المتصهين، وامتد حتى اليوم، لأن الصهيونية لم تفتر، ولم تهن، ولم تيأس عبر القرون.. ولو أردنا العودة أكثر وللتذكير فكلنا نعلم مواقف ومؤامرات اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعيهم للتخلص منه، وكانوا دوماً ينكثون العهود ويغدرون بالمسلمين.. ومازال هذا التيار اليهودي الصهيوني يستهدف كلا المسيحيين والمسلمين.. وقد تمكن من صهينة وغزو الفكر المسيحي في ظل غياب إسلامي، وبعد وجفاء بين المسلمين والمسيحيين، واتجاه بعض الحركات الإسلامية إلى رفع شعار الحرب والجهاد ضد المسيحيين والمسيحية.. مما زاد من فاعلية الفكر الصهيوني في صهينة الفكر المسيحي، وإيجاد تيار مسيحي صهيوني قوي متمكن من الوصول إلى مواقع القيادة الأولى، وموقع القرار في الغرب المسيحي، كما هو الحال في الفريق الذي وصل البيت الأبيض «برئاسة بوش الابن». إن المعركة هي معركة فكرية، ولابد من الاجتهاد والمثابرة وعبر كل الوسائل وبصورة مستمرة للتواصل الإسلامي مع المسيحيين في الغرب الذين ضللوا من قبل التيارات الصهيونية.. وعلى مشائخ الإسلام والمثقفين المسلمين أن يتحملوا مسؤوليتهم بإيصال الإسلام النقي، الحنيف، السمح، الإنساني والعادل، وأنه دين الخير والسلام وليس كما تصوره التيارات الصهيونية المسيحية أو المسيحية المتصهينة.. فالحرب ثقافية فكرية، وتتحول أحياناً إلى ساخنة.