إذا احتل الكيان الاسرائيلي وطناً كاملاً هو فلسطين، وقامت بطرد أبنائه والفتك اليومي بشعبه بالمئات كما حدث للأطفال الرضع والنساء والشيوخ في غزة؛ إذ قتلت أكثر من مائة وعشرين فلسطينياً في يومين اثنين، إذا فعل الكيان الاسرائيلي هذا كله وما هو أفظع فإن مجلس الأمن ووراءه أمريكا يبارك هذا العدوان ويعده دفاعاً مشروعاً عن النفس. وإذا قام استشهادي للثأر من هذا العدوان، ليسقط بضعة أفراد من مدرسة تلمودية لا تخضع لأي منهج إلا كراهية العرب والإسلام، وطرد العرب من أرض اسرائيل التي تمتد من النيل إلى الفرات بزعمهم فإن الدنيا تقوم ولاتقعد!!. إزاء المجزرة الاسرائيلية لم يظهر أي غضب أمريكي أو أوروبي، وهذا لا يهم، وإنما يهمنا هذا الموقف العربي المتخاذل الذي لا يسر صديقاً ولا شقيقاً، ولا يرضي ديناً ولا مروءة. إن بيد العرب من الإمكانات ما يجعل أعراضهم محترمة وأرواحهم وأجسادهم مصونة، وأموالهم محفوظة، لكن أن يصيروا مكممي الأفواه، غير قادرين على الاستنكار والشجب والتنديد فهذا أمر على درجة من الذل والهوان والغرابة المشبوهة!!. لقد عبّر اليمنيون من خلال مجلس النواب عن الإدانة والشجب والرفض للعدوان اليهودي الغاصب الذي نفذته القوات الجوية والبرية ضد أبناء غزة؛ بينما راوحت عدة دول عربية «كبرى» بين الصمت أو التنديد الساذج الذي وازن بين ما تصنعه دولة إرهابية ومقاومين فلسطينيين عزّل لتُرضي بعض القوى الكبرى بهذا الشجب المتوازن، ثم بعد ذلك نضج ونصرخ ونسأل أنفسنا: لماذا التطرف في الوطن العربي؟!. إن من أسباب التطرف في الوطن العربي هو هذا السلوك الحميد تجاه العدوان الاسرائيلي الغاشم، حيث تروج جهات معروفة دعايات مفادها أن الدول العربية إنما هي دول خاضعة لأمريكا واسرائيل، لذلك فإن الواجب هو الجهاد ضد الأنظمة المتخاذلة بعد أن أظهرت عمالتها المتمثلة في صمتها إزاء ما يحدث لأهلنا في فلسطين. وللأسف الشديد فإن السلطة الفلسطينية شجبت عملية القدس، مع أن المفروض أن تصرّح بأن لكل فعل رد فعل، وأي فعل أكثر همجية مما عملته اسرائيل في غزة؟!.