يشغل وضع المرأة اليمنية مكانة متقدمة في أجندة الإصلاح في اليمن، وقد شهد قبل الانتخابات الرئاسية والانتخابات المحلية 2006م على ذلك نص في اتفاق المبادىء لضمان نزاهة الانتخابات والذي وقع عليه المؤتمر وأحزاب المشترك والذي أكد على وجوب دعم المرأة وحقها في ممارسة حقوقها السياسية والقانونية دون انتقاص في أي شكل من الأشكال المادية والمعنوية باعتبار النساء شقائق الرجال. إن اتفاق المبادىء شجع المرأة على دخول الانتخابات المحلية 2006م ورغم جهودها في محاولة انتزاع بعض المقاعد في الانتخابات المحلية وحقها بالتمتع بكافة حقوق الرجل إلا أن المجتمع اليمني بما فيه الأحزاب السياسية خذلت المرأة وأصبحت علاقاتها بالمجتمع محكومة بمجموعة من القوانين والتقاليد الاجتماعية والثقافة السائدة. الموقف السلبي تجاه المرأة، وانتقاص دورها في المشاركة السياسية بالرغم من اتفاق المبادىء الموقع من جميع الأحزاب الحاكمة والمعارضة والتي تستخدم المرأة وتتخذ من قضية مشاركتها في قضية مصالح حزبية ضيقة واستغلال صوتها في الانتخاب. إن استمرار وضع المرأة ومساهمتها السطحية في العملية السياسية على هذه الشاكلة سواء في البرلمان أو الحكومة سيفقد المرأة الثقة بإمكاناتها وقدراتها، كما أن تجربة مشاركتها في الانتخابات المحلية 2006م قدمت درساً يمكن الاستفادة منه. إن مساهمة المرأة في مجلس النواب أو الحكومة دون وجود أية ضمانات حقيقية لا جدوى منها، وإذا بقي الحال على ماهو عليه، فإن الكثير من النساء سيمتنعن من الدخول في مغامرات غير محسوبة عواقبها، ويبحثن عن ضمانات حقيقية، فإذا لم يحصلن على ذلك فإن فكرة الترشح لن تساورهن مستقبلاً. لقد أدرك فخامة الرئيس علي عبدالله صالح إن الاتفاقات لا جدوى منها، وإن مواثيق الشرف بين الأحزاب لن تدعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وإن برامج الأحزاب التي تتضمن المرأة لا تتعدى إلا الشعارات اللفظية التي تنبع من فهم غير حقيقي لقضايا المرأة وواقعها داخل المجتمع. وأمام هذا الوضع القاتم جاءت المبادرة الرئاسية التي أعلنها فخامته في 24 سبتمبر 2007م، والتي تضمنت في البند التاسع منها اعتماد مبدأ التمييز الايجابي للنساء «الكوتا» ضمن نظام الدائرة الفردية الانتخابي، وتخصيص نسبة قدرها %15 للنساء من إجمالي قوام مجلس النواب، وتضمين هذه الحصة للنساء نصاً في القانون الانتخابي. إن الأخذ بمبادرة الرئيس بنظام الكوتا النسائية أو ما يسمى بالتمييز الإيجابي لصالح المرأة، يعد أحد التدابير لمنع المرأة من أن تصبح تحت رحمة ثقافتنا المضادة لها أو الفتاوى التي تحرمها من حقها السياسي، في حين أننا نحتاج إلى مساهمتها الفاعلة والكاملة في كل جوانب الحياة، وفي مقدمتها الجانب السياسي وأن تحصل على تمثيل تعكس من خلاله ثقلها النسبي في التعداد السكاني. عموماً لم تتمكن المرأة في بعض الدول العربية مثل المغرب والسودان والأردن من الوصول إلى مواقع صنع القرار بشكل يتناسب مع تمثيلها في المجتمع إلا من خلال وجود كوتا تكفل لها فرصتها الحقيقية. إن الدستور اليمني كفل حق المساواة بين المرأة والرجل حيث نصت المادة «31» من الدستور أن «النساء شقائق الرجال» ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة الإسلامية وينص عليه القانون. كما أرسى الدستور قواعد تنظيم العمل السياسي بما يكفل للجميع «رجالاً ونساء» الحق في المواطنة والتعبير عن الرأي دون تمييز، واشترطت المادة «8» من القانون رقم «66» بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية عدم قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس التمييز بين المواطنين بسبب النوع، وأن المجتمع هو من ظلم المرأة وهمش دورها، وبالتالي لا بد للمجتمع من أن يدفع ضريبة ما تسبب للمرأة من إعاقة مجتمعية يرد الاعتبار إليها وإنصافها بشكل يتناسب مع إمكاناتها واستعداداتها الحقيقية. إن حاجز القلق والخوف من الفشل سيبقى يساور المرأة من دون الكوتا أو القائمة النسبية، فعن طريق تخصيص نسبة معينة من المقاعد للمرأة نستطيع كسر هذا الحاجز، ليس فقط لدى المرأة المرشحة وإنما أيضاً لدى المرأة الناخبة والرجل الناخب، لذلك فإن مضمون مبادرة الأخ الرئيس هو ما يمكن الاعتماد عليه.. وهنا تقع المسئولية مباشرة على النخب السياسية والأحزاب بدرجة رئيسة. إن الوقوف في وسط الطريق من هذه القضية لم يعد ممكناً.. إنها قضية اجتماعية.. كما هي بذات القدر قضية وطنية.. إنها قضية المستقبل!!