أين هي وزارة الصناعة والتجارة من كل ما يحدث في السوق ؟! سؤال يطرحه الكثيرون محاولين البحث عن إجابة شافية له، إلا أنهم للأسف لا يجدون على الواقع سوى جواب واحد ، وهو أن الوزارة نفضت يدها عن كل ما يدور في السوق . فلم يعد لها أية علاقة في عملية استيراد السلع والمواد الغذائية التي أصبحت بيد التجار ، كما انه لم يعد لها أي دخل في مسألة وضع الأسعار التي أصبحت تخضع لمبدأ حرية السوق وقانون العرض والطلب الآلية الوحيدة التي تحكم السوق في وقتنا الحاضر. المسئولون في الصناعة يعترفون بذلك ويؤكدون بأن دورهم يقتصر في الرقابة على الأسعار والعمل على الالتزام بها من قبل الجميع ، ولكن يبدو أن الوزارة أيضاً غير قادرة على ممارسة هذا الدور الرقابي ، فكل الشواهد على أرض الواقع تؤكد فشلها في ممارسة دورها الرقابي وسنتحدث عن ذلك من واقع مشاهدات وسنكتفي بثلاث نقاط فقط النقطة الأولى : مسألة إشهار الأسعار ووضعها على السلع بشفافية ووضوح للأسف هذه المسألة ورغم الحملة الكبيرة التي صاحبت الإعلان عنها والتأكيدات الكثيرة بضرورة تطبيقها لحماية المواطن إلا أننا لم نلمس إجراءات جدية اتخذت في هذا المجال ، حيث إن الكثير من التجار لم يلتزموا بها بل لم يطبقوها أصلاً ، وإذا ما أردنا تطبيقها فعلاً فإن ذلك لن يكون إلا في حالة وجود نية صادقة واتخاذ إجراءات صارمة تسري على الجميع دون استثناء وأيضاً تحقيق ثبات للأسعار لا أن تظل في تصاعد مستمر كما هو حاصل الآن. النقطة الثانية: مراقبة الالتزام بالأسعار ، نسمع عن حملات تفتيشية بين الحين والآخر لمراقبة التزام التجار بالأسعار المعلنة ، لكن ذلك لم يثبت شيئاً ولا يعدو الحديث عن هذه الحملات إلا مجرد حديث عن الاستهلاك الإعلامي فقط لا غير ، فدائماً الأمور تمام والأوضاع التموينية على أحسن مايرام والأسعار في متناول الجميع الغني والفقير وما يصاحب هذه الحملات التفتيشية من اختلالات وتجاوزات ومجاملات ومحسوبيات جعلت المواطن يفقد ثقته فيها ويقلل من مصداقيتها وقدرتها على تصحيح الأوضاع ولهم الكثير من التجارب مع هذه الحملات لأن من يتم التبليغ عنهم من التجار المتلاعبين بالأسعار لا تعييهم الطرق والحيل لتفنيد كل تلك الاتهامات ضدهم والخروج منها مثل «الشعرة من العجين» وليس ذلك فحسب بل إنهم يعودون أكثر قوة مما كانوا عليه قبل الشكوى بهم، ويبيعون بالأسعار التي يريدونها و«من يدفع يرفع» ! النفقطة الثالثة : المواصفات والجودة في كل البلدان التي تحترم مواطنيها وتحرص على صحتهم وسلامتهم يعتبر شرط توافر الجودة والمواصفات للسلع المصنعة خاصة الغذائية منها مسألة في غاية الأهمية حفاظاً على سلامة المواطنين، ولا يمكن طرح أية سلعة في السوق ليست مكتملة شروط الجودة والمواصفات الصحية والغذائية ويتم ضبط المسألة بواسطة فرق تفتيش دورية صارمة في قراراتها وإجراءاتها .. أما في بلادنا فحدث ولا حرج ، فآخر شيء يمكن الاهتمام به أو حتى النظر إليه في الصناعات الغذائية هي مسألة الجودة والمواصفات ، فالكثير من الصناعات إن لم تكن أغلبها لا تحمل جودة ولا مواصفات وهناك حالات ونماذج كثيرة تؤكد غياب الرقابة الغذائية والصحية في ما يصنع من سلع حيث أصبح من المعتاد أن تجد حشرات وزواحف وأجساماً معدنية داخل مكونات الصناعات الغذائية والمشروبات ، فلا تتفاجأ عزيزي القارئ وأنت تهم بتناول مشروب غازي أو أي صناعات غذائية أن تجد مثلاً في داخلها شفرة حلاقة أو حتى ماكينة حلاقة ، أو قد تجد حشرات أو زواحف أو مواد معدنية أو بلاستيكية لأن هذا الأمر أصبح مألوفاً جداً .. وانتبه لنفسك لأنه لا أحد غيرك يهتم بصحتك وسلامتك ! وأخيراً فإنه في الوقت الذي تكاد تكون أغلب صناعاتنا «التحويلية» تقوم بها بيوت ومؤسسات صناعية خاصة ، بينما التجارة والاستيراد أصبحت بيد التجار في ظل مبدأ حرية السوق .. فهل هناك ضرورة لوجود وزارة للصناعة والتجارة لا تصنع شيئاً ولا تتاجر بشيء؟ وإذا كان على مسألة مراقبة الأسعار فطالما وهي غير قادرة على تثبيت الأسعار والزام الجميع بها فإن من الممكن أن توكل مهمة مراقبة الأسعار لجمعية حماية المستهلك وأمرنا وأمركم لله.