ستظل قمة دمشق وإلى وقت طويل محط تقييم ونقاش بالنظر إلى جملة من الظروف والتعقيدات التي جاءت القمة وسطها.. في البدء لا يستطيع المراقب الحصيف إنكار أهمية انعقاد قمة دمشق في موعدها المحدد تطبيقاً لآلية الانتظام الدوري للقمم العربية التي كان لليمن سبق المبادرة لطرحها حتى وإن كان هذا الانعقاد قد تم وسط ضعف ملحوظ لمستوى التمثيل العربي. الأمر الآخر الذي يمكن تسجيله هنا يتمثل في حضور المبادرة اليمنية لتحقيق المصالحة الفلسطينية والتي جذبت إليها تأييد القمة، وفي المقدمة سوريا التي استضافت هذه القمة وتأكيد الرئىس السوري بشار الأسد أهمية هذه المبادرة وسعيه مع كافة الأطراف لتطبيقها على أرض الواقع خلال المرحلة القادمة. أما وقد نجحت سوريا في تنظيم انعقاد القمة؛ فإن عليها مسؤولية ترجمة القرارات التي توصلت إليها فيما سُمي ب«إعلان دمشق» طيلة فترة رئاستها للقمة، والمسؤولية مشتركة لجميع الدول ومؤسسة الجامعة، وعلى وجه الخصوص تضييق المواقف العربية المتباينة إزاء الأزمة اللبنانية، وتجاوز الخلافات لمساعدة أطراف هذه الأزمة بالانتصار لتحقيق الجانب الدستوري المتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية، والعمل على إيجاد صيغة للوفاق بين تلك الأطراف. بصورة أوسع فإن المطلوب بعد تسجيل المواقف في القمة الانتقال إلى مرحلة جديدة تعمل أساساً على تعزيز التضامن وتجنيب النظام العربي المزيد من الانقسام. ما يهمنا في هذه القمة العربية هي حالة الحضور الإيجابي والتفاؤلي الذي برز في المبادرة اليمنية للمصالحة الفلسطينية والتي انعكست في جملة من الآراء والمقترحات التي تؤكد أهميتها وتثمن الدور اليمني، داعية إلى وضع الآليات الكفيلة بتنفيذها وهو ما ذهبت إليه كافة المواقف الفلسطينية والعربية منذ ما بعد انفضاض القمة. ونحن نتساءل اليوم عما إذا كانت المواقف الفلسطينية عند مستوى المسؤولية للبدء بتنفيذ هذه المبادرة بين حركتي «حماس» و«فتح» إذ أنهما وحدهما من سيحقق هذا التطلع والرغبة الشعبية والرسمية في فلسطين وفي الوطن العربي. قد يذهب البعض إلى ما ذهب إليه الرئىس الليبي في القمة عندما شبَّه «فتح» و«حماس» بأنهما يسيران في خطين متوازيين؛ أي أنهما لا يلتقيان. وأعتقد أن الحركتين وهما تسيران على قطار واحد وقد استشعرتا خطر تفجير عربتهما إيقاف عجلات القطار فوراً والنزول منه لتحقيق المصالحة بعد المصافحة.