عين أوروبا على البحر المتوسط ليست حديثة.. لكنها قديمة وتعود إلى القرن ال «18» وهي نظرة استعمارية دائماً وأبداً.. وكلنا يعلم أن الأوربيين قد جاؤوا إلى جنوب المتوسط مستعمرين.. فكانت فرنسا والجزائر وتونس «تحت الاستعمار الفرنسي، و«ليبيا» تحت الاستعمار الإيطالي و«مصر والسودان» تحت الاستعمار «البريطاني، بل لقد أتت فرنسا في القرن ال «17» لاحتلال مصر قبل الإنجليز، بقيادة القائد الفرنسي المشهور «نابليون بونابرت».. وكان الفرنسيون أيضاً في «سوريا ولبنان» ولم تعدم إسبانيا موطئ قدم لها في جزء من المغرب العربي مدينتي «سبته ومليله» على الساحل الشمالي. لقد فشلت مثل هذه الشراكة بين شمال المتوسط، وجنوبه عندما أطلقت مبادرة برشلونة في عام 1995م.. وهي مبادرة أوروبية تعني أنه ليس لدول جنوب المتوسط في ذلك أي مسعى.. وها هو المشروع يعود من جديد.. فقد أطلقه الرئيس الفرنسي «ساركوزي» باسم «الاتحاد المتوسطي».. ويرى الكثير من المحللين أنها امتداد، أو إحياء ل «مبادرة برشلونة» التي فشلت في عام 1995م، لأن الثقة غير موجودة بين شمال وجنوب المتوسط.. ويرى جنوبيو البحر المتوسط أن أوروبا تسعى لذلك من أجل أوروبا ومصالحها التجارية والاقتصادية والهجرة والأمن، وضمان الطاقة.. وتأتي عدم الثقة في جنوب المتوسط لأن تجربته مع شمال المتوسط مريرة وقاسية.. إضافة إلى أن أصوات الشراكة هذه ليست رؤية مشتركة بين دول شمال وجنوب المتوسط... ودائماً ما تأتي من الطرف الأوروبي ناهيك عن أن هذا الجنوب المتوسطي ليس معزولاً عن بقية الشعب العربي، وقضاياه وخاصة القضية الفلسطينية التي يقف الطرف الأوروبي منها موقفاً غير عادل. «الاتحاد المتوسطي» ليس انضماماً لدول جنوب المتوسط إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه اتحاد قائم بذاته له أجندته طبعاً التي ستقوم بصياغتها أوروبا.. ولن تكون الصياغة الأوروبية للشراكة مع جنوب المتوسط سوى لإلحاق هذا الجنوب بأوروبا سياسياً واقتصادياً وثقافياً وتجارياً.. هذا من جانب ومن جانب آخر تسعى أوروبا ساركوزي إلى تحميل دول الضفة الجنوبية للمتوسط مسؤولية حراسة أمن أوروبا من الناحية الجنوبية سواء ضد الإرهاب، أو الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تقلق الدول الأوروبية.. فهل تنجح هذه الشراكة؟؟ البوادر كلها والمؤشرات تفيد بفشلها، ونحن نقول ننتظر حتى يوليو وستنبئنا نتائج أول اجتماع لهذه الدول.