يقف البروفيسور " دوميتري كيكان " أمام الحداثة وما بعد الحداثة راصداً أثر العولمة على المكان والزمان معتبراً أن العولمة تمثل الخط الفاصل بين الحداثة وما بعدها، وأن المابعد ليس له نهاية، ذلك أن جدل الكلام والرؤى تفضي بنا في نهاية المطاف إلى الإقرار بأن لكل ما بعد قبلاً، ولكل قبل بعد. وهكذا يسير التطور في دائرة حلزونية تعيد إنتاج نفسها إلى ما لا نهاية، لكن ذلك لا يمنع " كيكان" من ملاحظة أن ما بعد الحداثة المقرونة بالعولمة تمثل قطيعة مع الزمن الاجتماعي بوصفه فعلاً حداثياً، وأن هذه القطيعة تتوق في نهاية المطاف إلى اختراع زمن فردي، وهنا يتوقف مؤلف كتاب " إنسان مابعد الإنسان" أمام المحطات الرئيسة التي تكثف مفهوم القطيعة مع الماضي أو الاستمرار على أساس " الانفصال/ الاتصال" مع ذلك الماضي، قائلاً: " إن الحداثة حاضن نسبي مرساته مربوطة بموانئ الماضي"، ولكي يستجلي هذا الأمر بطريقة استعادية لمّاحة يتوقف أمام أبرز المحطات الفكرية الفلسفية والابستمولوجية لكل من: كارل ماركس: الذي انطلق في رؤيته من علم التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية واستأنس بقوانين الجدل الطبيعية، وقال بفكرة التطور الدائم الموصولة بنفي النفي المرتبطة بحيوات المجتمعات والكائنات الحية. تشارلز داروين: الذي قال بنهاية الكون عطفاً على نظرية التطور والانتخاب الطبيعي. فرويد:الذي اعتد بالذات البشرية بوصفها مستودعاً للإشارات السيكولوجية المعبرة عن فلسفة وجودية. هنري برجستون: الناظر إلى مستويي الوجود الظاهر والباطن والمعتد بالوجود الباطن. فريدريك نيتشه: صاحب نظرية القوة والسيطرة والذي خرج أساساً من معطف الماركسية الفلسفية/ والفرويدية السيكولوجية/ والبرجستونية المتافيزيقية. البرت انيشتاين: صاحب النظرية النسبية التي خرج من معطفه علماء الألسنيات دي سوسير، وجاك دريدا، ورولان بارت.