في كتابه “ إنسان ما بعد الإنسان” نتوقف أمام رؤى ومقاربات البروفيسور الدكتور دوميتري كيكان الذي يتجول بنا في معارج التاريخ والفلسفة وعلم الجمال والفن والديانات نابشاً في كامل الاشتباكات المفاهيمية التي تنتظم في أساس التاريخ بوصفه مكاناً وزماناً محددين. وينطلق البروفيسور دوميتري كيكان في رؤيته من البحث عن ماهية الحداثة وما بعد الحداثة وكيف أن فكرة ما بعد الحداثة الجدالية الإشكالية توصلنا إلى ما يمكن تسميته بإنسان ما بعد الإنسان، فيما تعيد إنتاج العلاقة الإشكالية التاريخية بين فكرتي البناء والتدمير، أو بين المفاهيم الكلية المنتظمة في إطار توازن الكون والوجود وبين الخروجات البشرية الباحثة عن مفارقة النواميس ومغالبة الأقدار، وهو الأمر الذي تجلّى بصور أخص في منظومة الرؤى والفلسفات الأوروبية، تلك المنظومة التي أفضت بنا إلى الإنسان المعاصر الذي فقد قدرته على استدعاء ذاته الأصلية وحار في دروب التيه والتشظي والقلق المعرفي والوجودي. يرى كيكان أن نظرية المفاهيم الكلية والتعريفات الإجرائية تصطدم بتلك الحقيقة الأزلية التي ترينا كيف أن كل كتاب يفضي لآخر، وكل كلمة تلاحق أخرى، حتى إننا نتموضع أمام حيرة فلسفية ووجودية لا تمنحنا فرصة الطمأنينة والتداعي الطبيعي مع وحدة الكون، وتزداد هذه المسألة فداحة عندما تصر نظريات ما بعد الحداثة على تشظية وتفريع حقائق الوجود، لكن هذا يجعلنا نتساءل هل هذه التشظية القصدية تحدث في حقيقة الأمر؟ أم أن القوانين الإلهية الكلية الناظمة لموسيقى الكون والوجود هي أساس ما يجري في العالم؟! في مثل هذه التساؤلات المفتوحة يجيب البروفيسور دوميتري كيكان ضمناً.