نتوقف مجدداً أمام رؤية البروفيسور “ دوميتري كيكان “ المتعلقة بنقد ما بعد الحداثة والتي لخصها فميا يلي : ما بعد الحداثة تتنكر للعقلانية ولكنها تستخدم البرهان العقلي. تسخر ما بعد الحداثة من هشاشة الحداثة السابقة عليها دون النظر إلى هشاشتها هي بالذات. ترفض ما بعد الحداثة المعيارية دون تقديم بديل واضح. ترفض ما بعد الحداثة الجواهر الناظرة للوجود والضوابط المعيارية مُعتبرةً الإنسان مجرد كائن صوري يقع خارج التاريخ، لكن الإنسان هو ذاته لم يتغير. تدعي ما بعد الحداثة أن الإنسان هو من يصنع تاريخه بنفسه، وبهذا تستبعد المشيئة والقدر والإطار التاريخي للفعل الاجتماعي والحياتي. تقوم ما بعد الحداثة بإزالة العلاقة بين المتخيل والفعل، وتختزل الكائن الإنساني في البرهان العقلي الابستمولوجي. منظري ما بعد الحداثة يستبعدون النموذج والمنهج إجرائياً، لكنهم في ذات الوقت يقدمون نموذجاً ورؤية. مماسبق نصل إلى استنتاج جوهري يسم التنظير الرئيس ل” مابعد الحداثة “، وسنرى أن هذا التنظير ينعكس على مرئيات وممارسات الفنون الجديدة التواقة لتجاوز الحداثة. تلك التي تُشبّه نفسها بطائر انطلق لتوه من مكانه، وهو فيما يطير لا يُدرك إلى أين يذهب، بل يقوم بفعل غرائزي بسيط ، مداه القدرة على التحليق بنعومة، والتداعي مع تقلبات الأجواء، وإعادة إنتاج الذات استئناساً بغريزة البقاء . وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذه الرؤية، إلا أنها تُظهر التحدي البالغ الذي تتعرض له المثاليات والنماذج في عالم تعصف به العواصف، وتتقلّب فيه الأحوال