ينتقل المؤلف " دوميتري كيكان" إلى الجزء الثاني من كتابه الهام " إنسان مابعد الإنسان" للحديث عن الإسلام في سياق الحداثة والعولمة، معتبراً الدين الإسلامي رسالة مفارقة للعوابر والجزئيات، وتبعاً لذلك للعولمة بمعناها الموضوعي، فالدين الإسلامي يقتضي التخلي عن مفهوم الغيرية واكتشاف الذات قبل الآخر، كما يتوقف المؤلف أمام مرئيات " فوكوياما" حول نهاية التاريخ ناقداً إياها متحدثاً عن مفهوم العنف في التاريخ، ناشراً إضاءات واسعة عن جملة من القضايا الجوهرية التي ترتسم في سماء الفكر الإنساني المعاصر ومنها مفاهيم كالأصولية وحوار الحضارات والعلاقة بين الشرق والغرب، والحاجة إلى ردم المسافة الاستيهامية القائمة بين ديانات التوحيد من جهة، والنظريات الوضعية من جهة أخرى، رائياً إلى جملة الايجابيات الروحية والأخلاقية في الدين الإسلامي، وكذا جملة الايجابيات المادية المقرونة بثقافة العمل والابتكار والتعامل مع الزمن كإفراز طبيعي للحضارة المادية القائمة، معتبراً أن الحقيقة تقبع هنالك في مكان ما في الوسط، وأن على الجميع الإقرار بضرورة الانفتاح والتعارف، ثم يتوقف المؤلف مديداً أمام جملة من التوصيفات الغربية للإسلام داحضاً مايُعمم حول مفاهيم الجهاد والأُصولية والتطرف، مستعيداً جملة من الآيات القرآنية الدالة، فارداً مساحات ضوئية للاطلاع على جذر وكنه هذه المصطلحات. وأخيراً وليس آخر نصل مع المؤلف إلى حقيقة أن لكل طرف سلبيات، وأن الطريق إلى الحقيقة تقتضي شجاعة الحوار والتنازل والاعتراف بالأخطاء. يختم المؤلف بحثه الفريد بالتنبيه إلى أن البكائيات والنحيب ليسا بديلاً عن مكاشفة الحقائق، وأن علينا أن نفعل ذلك، وإلا فإننا سنقع في وهدة النهاية التاريخية التي بشر بها " فوكوياما " وكأنه يرمينا في متاهة " إنسان لما بعد الإنسان !! ".