المولوية رقصة صوفية متروحنة ودائرية ورثها أنصارها عن جلال الدين الرومي صاحب كتاب " المثنوي ". والمولوية حالة انسانية يتوحد فيها المتطير رقصاً مع الواحدية، فهو فيما يدور يؤكد واحدية الإنسان بوصفه فرداً، لكن هذه الواحدية تتصل بالعوالم الدائرية، فالدائرة محيطة بأعيان الوجود والصور الممكنة، وهذه الدائرة تتصل بالمركز عبر أنصاف الاقطار التي ينتظم عند تخومها الافتراضية أشكال التجلي المعنوي والمادي للبشر، ويصبح الكل هنا بمثابة عابد راء، فالكل يعبد الحق " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه "، لكن كل عابد يصبو إلى ماتيسر له، غير أن العارف الرائي يتمركز في الوسط ليصبح الشاهد على أعيان المُمْكنات .. القابل بتعدد صورها .. الرائي بعين قلبه الدال على تنوع الخلق. الواقف عند حدود العرفان يرى ما لا يراه الناظرون، ذلك أن : قلوب العارفين لها عيون * ترى ما لا يراه الناظرونا وكما يقول ابن عربي : لقد صار قلبي قابلاً كل صورة * فمرعى لغزلان ودير لرهبان أدين بدين الحب أنّى توجهت * ركائبه فالحب ديني وايماني الواقف في مركز الدائرة المولوية يرى " الجمع في عين الفرق " ، لكن هذا الترميز يتسع للماوراء، والقصدية المطلقة لما هو ظاهر، ولهذا السبب كان الدائر في قلب الدائرة يتهادى .. يُسافر صوب المدى الأزرق وأقواس قزح.. يعانق اللازورد والأخضر والأبيض .. يُحلق بأجنحة من أثير وجسم من حرير، فيكتشف عجزه عن مواصلة التحليق.. تماماً كطيور الغزالي وفريد الدين العطار، فيبكي بحرقة الرائي التوّاق إلى رحمة الله