مجدداً نتوقف مع كتاب «ثقافة القات في اليمن» لمؤلفه الدكتور عبدالله الزلب لنستجلي صورة بانورامية عن دوافع التخزين من خلال استبيانات متعددة، فيتضح لنا أن الدوافع للتخزين تشمل مصفوفة واسعة، مما تظهره الجداول الواردة في متن الكتاب. ويلاحظ المؤلف بحصافة أن أنواع الاستهلاك تحولت إلى حالة فيتيشية «وثنية»، وأنها تشكّلت بالتفاعل مع منظومات القيم الاجتماعية والتاريخية أيضاً. وحاصر المؤلف جملة الظواهر المجتمعية السلبية التي تتصل بتعاطي القات، وخاصة ما يتعلق بالوقت الضائع في تناول القات، ونسبة الدخل المخصص أُسرياً للقات، وتزايد دوائر الفقر المجتمعي مادياً بسبب تناول القات، بمقابل الثراء المتسارع لمن يشتغل في زراعة وتسويق القات . في الفصل الخامس يصف المؤلف منشأ مجالس القات، و«الفضاء الرمزي المُهيكل» لمجلس القات ضمن قراءة سيكولوجية اجتماعية بانورامية لتلك المجالس، رائياً تلك التفاصيل الكثيرة التي قد لا يراها المراقب العادي، وأبرزها لغة الجسد، وطبيعة الجلوس ذي الطابع الوقفي على السكون والصمت، والبُعد الفُرجوي المُمسرح بفولكلور الألوان، وفن الإنصات، والمناقشات، وحرية التعبير، وصولاً إلى ذروة الميتافيزيقا السليمانية، عطفاً على ما يُسمى«الساعة السليمانية»التي تصل الضياء بالظلام ضمن برزخ لوحدة بصرية شعورية مُتروحنة بمغزى الشفق وأقواس قزح . [email protected]