الكعبة المشرفة وما يحيط بها من دوائر لامتناهية معيار لمركزية الدائرة والدوران، فالطواف يتصل بالأكوان، والفرد في طوافه يقبع في قلب المعادلة الكلية للوجود .. يقول الشاعر: وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر الدوائر المحيطة بالكعبة إشارة كبرى لمعنى الدائرة، وتحلُّق الناس حولها تعبير عن وحدة الشهود ووحدة الوجود، ورسالتها الضمنية تتمثل في الدائرة والدوران .. الدائرة بوصفها إمكانية مطلقة للتكابر والتصاغر، والدوران بوصفه همّة تتصل بالدائر، فمن دار سبعاً ليس كمن دار الضعف.. وهكذا، والدورة هنا لا تعني فعلاً فيزيائياً فقط ، بل إنه ذلك الفعل الفيزيائي الذي يتروْحن بالتطهر. كان الرائي المتصوف جلال الدين الرومي يدور حول نفسه حال توجّده وانخطافه، وهو الذي استقى المعنى والمبنى من القرآن الكريم فكانت مثنوية نصوصه متصلة بالمعاني القرآنية وآيات الكون، ولهذا اجترح رقصته المولوية المعبرة عن دوران الدائر .. ذلك الذي تتخطّفه الأكوان، وينساب مع الزمان والمكان غائصاً في بحار اللامكان واللا زمان .. المنسوب إلى عوالم الفناء عن الذات استغراقاً في الصفات، والناظر لما يتجاوز المألوف والمعروف لأنه يستنطق في جوانياته كشوفاً وبوارق. يقول محيي الدين بن عربي : رأى البرق شرقياً فحنّ إلى الشرق ولو لاح غربياً لحنّ إلى الغرب فإن غرامي بالبريق ولمحه وليس غرامي بالأماكن والترب