كان الحديث دائماً عن العمال وعن الفلاحين وعن الطبقات الفقيرة في زمن فائت يستفز أصحاب العمل وملاّك الأرض والطبقات الغنية.. وكان الكلام عن أحوال العمال والفلاحين وحياتهم البائسة ووضعهم الحياتي المؤلم يُتّهم صاحبه أي صاحب الكلام بالاشتراكية والشيوعية والإلحاد من قبل الثلاث الطبقات، وكأن الإسلام ضد العمال والفلاحين والفقراء في نظرهم، ولا يدركون أو يعون أن دين الإسلام لم يأتِ إلا للإنصاف والعدل بين الناس، وليرسخ مبدأ العدل الاجتماعي والتكافل والتراحم في العلاقات الاجتماعية في العلاقات بين العمال وصاحب العمل، بين الفلاحين والملاّك، بين الأغنياء والفقراء، بين الدولة وموظفيها وجندها والمستخدمين معها، فكلهم عمال لديها وثروات البلاد أمانة ووديعة من الله سبحانه وتعالى تُستغل وتُستثمر وتُحّول وتُسخّر لإصلاح حياة الناس من خلال التوزيع العادل للثروة، على شكل مرتبات مجزية، وخدمات، وأمن، وصحة كافية، وتعليم وتأهيل كافيين، و....و...إلخ مما تتطلبه الحياة الآدمية كي يعيش الإنسان معززاً مكرماً آمناً مطمئناً. الإسلام أتى لينصف الناس ويحررهم من الاستغلال والحرمان والبؤس والعوز والحاجة، من خلال علاقات إنسانية راقية نظيفة وعادلة، لا نقول إلى حد أن يتساوى الناس ولكن إلى الحد الذي تعيش فيه الطبقات الدنيا باطمئنان وأمن وتتوافر لها الضروريات والأساسيات الحياتية من مأكل وملبس ومسكن وصحة وتعليم وتدريب وتأهيل وتأمين معاشي وتأمين على الحوادث والحياة، فهؤلاء هم أكثر من يدأبون ويجهدون ويتعبون ويعطون أكثر وقت من يومهم للعمل والإنتاج، ومن العدل والإنصاف أن نوفيهم حقهم كمسلمين قبل غيرنا من الرأسماليين والاشتراكيين.. فالعدل والإنصاف والقسط والخير وتعميمه على المستحقين من العمال والفلاحين، سواءً كانوا في القطاع العام أم الأهلي أو الخاص. وليعلم كل من يقول إن هذه الطبقات تجد الإنصاف في ظل الاشتراكية أو الرأسمالية، فهو مخطئ.. وعليه فإن علينا أن نعامل هذه الطبقات من وحي ديننا الإسلامي الحنيف، الإسلام الذي لا يقبل الظلم والبخس والاستغلال.. ولنسأل أنفسنا سؤالاً، هل من دين الإسلام أن يعمل العامل طول عمره، ومعظم ساعات يومه دون أن يحصل له ولعائلته على عيش كريم؟ هل هذا من العدل في الإسلام أن نجني المليارات من جهد وعرق وعمر العامل ثم نلقي إليه بالملاليم شهرياً التي لا توفر له ولأسرته غذاءً كاملاً على مدار الشهر، ثم يأتي الأول من مايو، وكلنا نقف نُشبع العامل كلاماً ومدحاً وشكراً وتقديراً في هذا اليوم، ونطالبه بالمزيد من المثابرة والجهد والتفاني في العمل دون أن نلتفت إلى حياته وأوضاعه المعيشية البائسة، ونجسّد في يوم العمال صدقنا نحو العامل واعترافنا له بالجميل من خلال تحسين ورفع مستوى حياته ومعيشيته..؟! إنه تدليس وظلم..!