تحركت الولاياتالمتحدةالأمريكية بقضها وقضيضها لغزو العراق تحت ما تدّعيه مشروعية البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، ولم تنتظر موافقة مجلس الأمن الدولي المعني بمثل هذه الأمور.. وحتى تتخلص الولاياتالمتحدة من الالتزام بأخلاق الحرب ومواثيق حقوق الإنسان عهدت إلى شركات أمن خاصة لتمارس أبشع الجرائم ضد مواطني الدول المحتلة، فقد سلمت مسؤولية مخالفة القوانين إلى هذه الشركات التي منها «بلاك ووتر» والتي ثبت أنها مسؤولة عن قتل عراقيين خارج نطاق القضاء أو القانون. وهذه ليست حيلة جديدة، فقد كانت الدول الاستعمارية تفعل مثل ذلك، فالمرتزق الفرنسي المشهور «بوب دينار» خدم الغرب في تدخلهم في الحرب بين الجمهوريين والملكيين في اليمن، وكان مدرباً لقوات الإمام المخلوع «البدر». وهو نفسه الذي قاد أكثر من انقلاب في جزر القمر، وكان يولي الرؤساء فيها، وحينما لم يجد من يوليه في أحد الانقلابات أعلن أنه مسلم وأن اسمه «عبدالله دينار» وتولى بنفسه الرئاسة لمدة معينة، ثم رحل.. بل تزوج من أربع نساء قمريات «حسب الشرع» وحتى عهد قريب كان يعيش في قصر فخم بفرنسا. والبند السابع كان وراء اشتداد الخلاف بين فتح وحماس حول تفسيره، وبالتالي حول الوثيقة التي بينهما، وانتهى الخلاف إلى الحسم العسكري في غزة. وهذا البند السابع أيضاً وراء تأخر نجاح المساعي القطرية لحل الخلاف بين الحكومة والحوثيين انتهى بمسعري الفتن إلى تفجير مسجد الجمعة الماضية هذا ليس خروجاً عن اخلاقيات الحرب فحسب، وإنما هو خروج عن الدين الإسلامي نفسه، فقتل المصلين في دور العبادة جريمة نكراء لا يكفي معها التنديد والشجب. فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل الرهبان والعباد بل التعرض لدور العبادة وهم مخالفون لملة المسلمين؛ فكيف يدّعي أنه مسلم من يقتل المصلين من المسلمين في مساجدهم؟!. إن مشكلة البند السابع سواء في المواثيق الدولية كالحالة الأولى أو الإقليمية والمحلية كالحالتين الثانية والثالثة ليست مشكلة عبارات في وثيقة، وإنما هي مشكلة نيات ودوافع. فقد استخدمت الولاياتالمتحدة البند السابع لتتدخل في كثير من الدول ولتشعل الكثير من الحروب التي لا طائل من ورائها؛ حتى خرجت علينا بمصطلح «الفوضى الخلاقة» ليتحول المصطلح إلى نظرية في علم السياسة تعطي المبرر لكل التدخلات.. ليس هذا فحسب، فالنظرية صارت ذريعة لتدخلات دول صغيرة في شؤون غيرها كالذي قامت به اثيوبيا في الصومال وبتشجيع أمريكي. لقد أصبح البند السابع بحق بند الفوضى العقيمة وليس الخلاقة، وحتى على المستوى الشخصي - حين كنت مستأجراً قبل عدة سنوات - كان البند السابع من عقد الإيجار ينص على انتهاء العقد بعد سنة واحدة ويتم التجديد بموافقة الطرفين، ولولا أن المؤجر كان محترماً لأصبحت نهاية العام في الشارع بسبب البند السابع، ولكن الله سلّم!!.