حتى هذه اللحظة مازالت الغالبية العظمى من المؤتمريين لا يعلمون شيئاً عن الآلية التي تمت بها تسمية مرشحيهم لانتخابات المحافظين، لأن أحداً لم يخبرهم بشيء، ولم يحدث ساحة الرأي العام بأن قيادة المؤتمر كلفت لجاناً خاصة في كل محافظة لاستقراء رأي قواعد المؤتمر والهيئات الناخبة بالشخصيات المرغوب ترشيحها لمنصب محافظ. كما أن الغالبية العظمى لا تعلم أن تلك اللجان رفعت للأمانة العامة بثلاثة أسماء عن كل محافظة وأوكلت لها اختيار أحدهم .. ! إلا أن الأهم الذي كان ينبغي على الحزب الحاكم الحرص على إيصاله لقواعده هو ما حدث في اجتماع اللجنة العامة الذي ترأسه الرئيس علي عبدالله صالح، والذي تمت خلاله تسمية مرشحي المؤتمر الشعبي العام. فبعد أن سأل الرئيس الصالح أعضاء اللجنة عن قائمة المرشحين المرفوعة، والآلية التي سيتم الانتقاء بها، قرر أن تجري عملية الاقتراع بين مرشحي كل محافظة على حدة، أي كل ثلاثة أسماء توضع داخل صندوق ومن ثم يتم سحب الورقة التي سيحظى صاحبها بشرف التزكية والتسمية كمرشح الحزب في الانتخابات. لا أعتقد أن هناك حزباً في اليمن بإمكان قيادته ممارسة نفس الأسلوب الذي مارسه الرئيس الصالح من أجل تفادي الأهواء الشخصية والمحسوبيات التي قد تتخلل نفوس البعض وهم يفاضلون بين مرشحي كل محافظة !! فقيادات الأحزاب تحرص على فرض خيارها الشخصي وليس خيار قواعدها.. ومع هذا فإن معظم المرشحين الذين رفعت أسماؤهم للجنة العامة مازالوا لا يعلمون بأمر الاقتراع !! المسألة الأخرى هي أن الفترة الماضية المخصصة لتقديم طلبات الترشح للجان الإشرافية، وبعد إعلان المؤتمر عن قائمة مرشحيه شهدت الكثير من التفاعلات وردود الأفعال في بعض المحافظات.. ففي شبوة والبيضاء مثلاً كان هناك خلاف على المرشح، وتحركات، ومهرجانات ومظاهر مختلفة تشابه إلى حد كبير تلك التي تحدث عن المؤتمر والمعارضة في مختلف التجارب الانتخابية، إلا أنها هذه المرة بين المؤتمريين أنفسهم. للأسف الشديد تكتمت وسائل إعلام المؤتمر عليها، ظناً منها أنها ممارسات سلبية، وأنها ستلحق «العار» بالتنظيم وتجعله موضع شماتة المعارضة.. وهذا الصمت القاتل حرم الساحة اليمنية من أجواء الانتخابات الطبيعية والمألوفة في كل أرجاء العالم، فبدت الصورة لدى من يبلغه العلم بشيء مطابقة لما تصفه المعارضة بأنها لا تتعدى أوامر تعيين عليا.. كما أن هذا الاجتهاد الخاطئ من قبل إعلام المؤتمر حرم قواعد المؤتمر من إحساسها اللذيذ بالحرية والشفافية التي تتعامل بها داخل هياكلها التنظيمية والتي يستحيل ان تحدث مثلها داخل أي حزب أو تنظيم في اليمن. وهنا أتساءل : لماذا يفشل الحزب الحاكم في الترويج للممارسة الديمقراطية ولمفردات حياته السياسية الداخلية بينما تنجح المعارضة في تشويه سمعته، وإظهاره كما لو أنه حزب ديكتاتوري يحركه الرئيس بالريموت كنترول !؟ لماذا لم يظهر أحد من قيادة المؤتمر لساحة الرأي العام ليحدثها كيف اختارت قواعده المرشحين، وكيف رفض الرئيس أي انتقائية أو تدخل بذلك الخيار وأصر على الاقتراع ؟ لماذا لا يقول المؤتمريون إنهم يتمتعون بحرية الاحتجاج العلني، وإن القيادة تحاورهم عندما يختلفون ولا تزج بهم إلى السجون أو تقطع رؤوسهم أو تفصلهم من الوظائف .. كما تدعي المعارضة ذلك !