بدايةًَ يحق لنا أن نتساءل ونصرخ بقوة -اعذروا جهلي السياسي -: لماذا أوطاننا العربية مستهدفة في استقلالها وثرواتها واستقرارها ووحدتها الوطنية ، لا يكاد بلد عربي واحد يخلو جسده من الندوب والآثار الغائرة الدالة على أزمة ومأزق مر به. مصائبنا كثيرة وأغلب تلك الأزمات صراعات مذهبية وطائفية ، أراضينا بؤرة الصراعات في العالم كله ، تُحاك ضدنا المؤامرات والدسائس والفتن لهدر طاقتنا والفتك بنا والتسلط على حاضرنا ومستقبلنا ، مما لا يدع مجالاً للشك من وجود أيدٍ خفية تمارس العبث بمصائرنا وتحيل أوطاننا إلى كومة دمار تغرق في مسابح من الدماء ، كم هي الأهوال التي تخوضها شعوبنا البائسة وتدفع ثمنها باهظاً؟! نؤمن .. لا شيء يبقى مثالياً ، لأن الفكرة كانت مجملة بكثير من الأشياء غير الحقيقية مهما طال الزمان ستظهر الحقيقة للعيان ويتضح الزيف والادعاء ، ان الحقيقة تتجلى عندما نصل بالقراءة إلى قلب الكتاب ، فنصوص المنتصف ليست شبيهة بالمقدمة ولا يسدل الستار على النهاية إلا بعد كشف الأهداف الحقيقية التي كانت تُغطى بألفاظ هلامية . ما يذهل اليوم كيف نكئت جراح لبنان من جديد ، نتابع أحداثه بأعين دامعة ودعوات صادقة ، فجيعة لبنان جاءت لتكمل مسلسل الفجائع العربية التي تسلب منا كل المسرات وتدمي قلوبنا ، كلما حاول هذا البلد الصغير أن يضمد جراحه ويسترد عافيته لا تكاد برك الدم تجف والجرح يندمل حتى تأتيه ضربة قاضية جديدة يصاب على إثرها بانتكاسة تشل حركته وتسحق شعبه وتتحول دولته إلى مليشيات وعصابات خارجة عن القانون. إن ما يحدث في لبنان من اقتتال بين الأشقاء وتدمير البيوت والمحلات التجارية والمؤسسات المدنية تلك الخسائر الفادحة لن تخدم إلا إسرائيل ، إن الفتنة الطائفية في لبنان هي أثمن هدية لإسرائيل وعملائها حينها سيكون الطريق ممهداً لاحتلال بيروت كما حدث في اجتياح 1982م بينما كل طرف من الأطراف المتناحرة يشد الحبل إليه ليخرج منتصراً بلغته السائدة وهي لغة الغطرسة واستعراض العضلات والتباهي بالقوة خلف السلاح والخطب الرنانة والشعارات الزائفة لتصبح أهم من الإنسان والوطن ، ذلك السلاح الأجدر توجيهه إلى العدو الطامع المتربص على الحدود ، لكن يبدو عبر معادلة صعبة صوّب السلاح ذاته لإصابة قلب لبنان وزعزعة أمنه واستقراره ، ما بال الراعي تحول إلى عدوّ (للغنم) بينما كان بالأمس حاميهم من الكلاب ؟!! اجتهدت طويلاً للبحث عن عذر مقنع يبرر أفعاله في قلب بيروت ، أخيراً وافقت رئيس الحكومة اللبناني فؤاد السنيورة حينما قال : “ أصبحت لحزب الله مشكلة مع كل لبنان وليس مع الحكومة اللبنانية فحسب “ . بغض النظر من هو المسؤول عن هذه الحالة ، جاء الوقت لأن يتحمل كل طرف مسؤوليته ويقود لبنان بعيداً عن شبح حرب أهلية أخرى لا تبقي ولا تذر تفني البلاد والعباد وتدمر الاقتصاد وتنشر الفساد وتقدم لبنان لقمة سائغة لفم أعدائه ، و إفساح المجال للديمقراطية والانتخابات أن تقول كلمتها وقتذاك حتماً سينتصر لبنان الديمقراطي على الغوغائيين .