لم يكن يوم 22 مايو 90م يوماً عادياً مثل غيره من الأيام في تاريخ الشعب اليمني، ولكنه يوم أعاد إلى اليمنيين اعتبارهم وكرامتهم، وأعاد لمّ شتاتهم بعد عقود من التمزق والتشرذم عاشها اليمنيون كشعب واحد تحت دولتين ونظامين. وإن كنا نحتفل بمرور 18 عاماً على هذا الإنجاز العظيم وقيام الوحدة المباركة، فإننا ندرك جيداً أن هذا اليوم لم يكن وليد صدفة بعينها، ولكنه نتاج نضال طويل ومرير خاضه أبناء الشعب اليمني وقدموا في سبيله قوافل من الشهداء سقطوا على طريق الوصول إلى هذا اليوم الذي تلتحم فيه إرادة الشعب ويتوحد أرضاً وإنساناً وإلى الأبد.. فالوحدة هي قدر ومصير ولا يجوز أبداً إخضاعها للمساومات واعتبارها نقطة خلاف بين القوى السياسية، لأن الوحدة ملك للشعب، وليست ملكاً لحزب أو جماعة.. بل هي وحدةٌ الشعب اليمني صمام أمانها وحامي حماها.. ومن يستطيع أن يمنع الشمس من الشروق أو يوقف أمواج البحر من التدفق باستطاعته أن يوقف مسيرة الوحدة ويعيد عجلة التاريخ إلى ما قبل 22 مايو 90م. ولكل واهم نقول: إن الوحدة قامت منذ (18) عاماً، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. فموتوا بغيظكم أنتم ومن يراهنون على خيار الانفصال، هذا الخيار الخاسر الذي أسقطته إرادة الشعب وإلى الأبد. أما نحن جيل الوحدة أبناء 22 مايو 90م فليس بمقدورنا أبداً أن نتصور الوضع الذي كان سائداً قبل هذا التاريخ، وليس باستطاعتنا أن نتخيل تلك المعاناة التي عاشها آباؤنا وأجدادنا ممزقين ومتشرذمين في وطنهم الواحد، ليس بمقدورنا ولا باستطاعتنا أن نتخيل أن برميلاً مليئاً بالأحجار وقف لسنوات حائلاً بين الأب وأسرته، والأخ وإخوانه.. برميل استطاع أن يفصل بين أبناء الشعب الواحد وأن يشطّر الأرض إلى شطرين.. لا نستطيع أن نتخيل أن الإرادة اليمنية والحكمة كانت عاجزة وغائبة أمام هذا البرميل.. ولا نريد أن نتخيل ذلك، لأننا وجدنا الوحدة قائمة، ونعيش في كنفها، ولا نريد حتى مجرد التفكير بغير هذا الواقع الذي نعيشه.. وأصحاب الذكريات المؤلمة ومن عاشوها هم الأقدر على التفريق بين حاضر مشرق في وطن واحدٍ من أقصاه إلى أقصاه، لا حدود ولا برميل يفصل شماله عن جنوبه، وبين ذلك الماضي المقيت الذي رحل مع شروق شمس يوم 22 مايو 90م، اليوم الذي أعاد للوطن اعتباره وللمواطن اليمني عزته وكرامته. واليوم ونحن نحتفل بالعيد الثامن عشر لقيام الوحدة المباركة فإن علينا أن نكون حريصين كل الحرص على هذا المنجز التاريخي وألاّ نسمح أبداً لأية محاولات تهدف إلى المساس به أو المساومة عليه.. فالدماء التي روّت الأرض لأجل هذا اليوم، والشهداء الذين سقطوا في سبيل تحقيق الوحدة المباركة وضعوها أمانة في أعناقنا فلا يجب أن نفرط فيها أبداً.. فهنيئاً للشعب اليمني، وهنيئاً لفخامة رئيس الجمهورية، صانع الوحدة، وباني اليمن الحديث، عيد وحدتنا المباركة.. والرحمة والمغفرة لشهدائنا الأبرار.