في الخامسة عصراً من هذا اليوم سوف يكون اللبنانيون على موعد مع انتخاب رئيسهم التوافقي الجديد.. ولن تغرب شمس الأحد حتى يكون قصر بعبدا قد استعاد دفء الحياة التي خلت منها أروقة وأجنحة المقر الرئاسي العتيد لأشهر خلت. بيروت الحبيبة اليوم غيرها بالأمس، وهي تضع قدمها في طريق الحل على أمل استعادة أجواء الأمن والاستقرار السياسي والتفرغ لمداواة الجروح واللحاق بما فاتها من أيام وأشهر عزيزة ذهبت في غير فائدة، اللهم إلا إذا اعتبرنا أن ما حدث كان مفيداً فقط لجهة الوصول بالفرقاء اللبنانيين إلى صيغة الحل التوافقي كما قدمها إعلان الدوحة أخيراً. خلال العامين الأخيرين، بصورة أكيدة وزائدة عن العادة المعهودة لدينا مع هذا البلد العربي المثقل بالخصوصيات في كل شيء الفريدة منها والمكلفة على حد سواء كانت قلوبنا وعقولنا مشرعة باتجاه بيروت العاصمة ولبنان العربي الشقيق. عايشنا الأحداث واكتوينا بمراراتها، وكنا دائماً ولانزال بيروتيين بما لا يقل عن أبناء وسكان بيروت وأهلها الأقرب إلى القلب والدم واللسان. يشعر المرء بقليل من الأمل والأمان وكثير من الترقب والانتظار مع وصول قطار المعادلة السياسية والوطنية اللبنانية إلى محطة الدوحة مروراً بسكة العرب وتحت مظلة الجامعة العربية. لعل الأفرقاء في الساحة اللبنانية أكثر اقتناعاً الآن منا نحن، ومن أي وقت مضى، بأن الوطن مقدم على الطائفة والحزب، وأن التوافق وحده هو ما يضمن للأشقاء الشركاء في الوطن والانتماء الواحد والهوية الواحدة استمرارية التشارك وإدارة الحياة والدولة.. بالجميع ولمصلحة الجميع.. ولمصلحة لبنان أولاً. ما من شك فإن الأزمة اللبنانية كشفت ولاتزال أن التدخلات الخارجية إقليمية أو دولية لعبت دوراً سلبياً وسيئاً على المشهد اللبناني والحياة المشتركة في لبنان، وقد آن الأوان ليستعيد اللبنانيون زمام المبادرة وأن يكف الخارجيون أقارب وأباعد عن تدخلاتهم في الحياة اللبنانية.. وعلى العرب قبل غيرهم أن يضمنوا حماية لبنان من الخلافات العربية العربية أولاً وقبل أي حديث عن عناوين أخرى للتدخلات والتداخلات الإقليمية والدولية. البادرة الإيجابية والفأل الجيد في هذه الأثناء هو أن التدخل الإيجابي الذي لعبته قطر بإجازة عربية سوف يحسب للعمل العربي المشترك، ويقدم دعماً حقيقياً لتعزيز الثقة اللبنانية بالانتماء العربي.. وليست هذه سوى بداية. شكراً لأنكم تبتسمون