وصل أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى بيروت عند السابعة الا خمس دقائق من مساء اليوم، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام، ترافقه عقيلته الشيخة موزة بن ناصر المسند ووفد رسمي يضم كبار المسؤولين في الدولة. وأقيم للامير القطري مراسم استقبال رسمية في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان واللبنانية الاولى وفاء سليمان، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، وزير الدولة عدنان السيد حسين، سفير لبنان في قطر حسن سعد ومساعد رئيس التشريفات في رئاسة الجمهورية العقيد الطيار هشام ذبيان. الصورة الطيبة التي شاهدها المواطن العربي في مطار بيروت حين نزل القائدان العربيان بشار الأسد والملك عبد الله آل سعود من على سلم الطائرة تؤكد لكل الذين حاولوا الاصطياد في المياه العكرة أن الحكمة والشجاعة التي استوطنت بلادنا منذ القدم لازالت هي المرشد لقادتنا في خدمة الأمة ومصالحها وأمنها القومي. إن استشعار الخطر فيما تدبره كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل للبنان والمنطقة دفعا إلى تحرك عربي نشط وسريع وخاصة على الجبهة اللبنانية من أجل قطع الطريق على فتنة تعمل دولة الاحتلال على إشعالها في لبنان لضرب المقاومة وتخريب سمعتها. الصحف الإسرائيلية وكذلك الإذاعة العبرية تحدثت كثيراً عن تفاصيل القرار الظني الذي ستصدره المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري لدرجة نشر أسماء المتهمين من حزب الله، وكانت مجلة دير شبيغل الألمانية قد نشرت قبل أكثر من سنة ذات المعلومة عن اتهام أفراد من حزب الله وضلوعهم في جريمة الاغتيال مما دفع بحزب الله إلى رفع قضية تشهير على المجلة المذكورة. إذن الوضع صعب ويحتاج لتدخل عربي على مستوى رفيع الأمر الذي استجاب له الملك السعودي والرئيس السوري بمبادرة رائعة منحت كل اللبنانيين ومعهم المواطن العربي في كل مكان الشعور بالأمان والارتياح تجاه إمكانية تهدئة الأوضاع في لبنان ووضع حد للفتنة المذهبية التي عملت عليها حكومة تل أبيب عبر تصريحات قادتها العنصريين ووسائل إعلامها المسمومة.
ما زاد في إيجابيات الزيارة بخلاف ما تحمله من معاني التضامن والحرص على أمن لبنان ومصلحة شعبه العربي الشقيق، أنها تأتي بعد قمة دمشق التي بحثت كافة الملفات العربية الساخنة وكذلك الوضع المتوتر في الشرق الوسط نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر وانغلاق آفاق الحل والسلام في المنطقة بالإضافة للمواجهة المحتدمة واحتمالات اندلاع الحرب على خلفية الملف النووي الإيراني.
القمة بين القادة الثلاث ستصبح رباعية بوصول أمير قطر لبيروت مساء الجمعة 30 / 7 وبهذا ستكون مظلة الأمان العربية قد اكتملت ويمكن الحديث عن ترتيبات تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل تسريبات المحكمة الدولية والتدخل الإسرائيلي الفاضح في مجرياتها.
الحديث الأمريكي الذي سبق وصول الزعيمان العربيان إلى بيروت ورد سورية الحازم عليه جدد عند المواطن العربي ثقته الكبيرة بالموقف السوري المبدأي تجاه استقلالية القرار العربي ورفض أي تدخل مهما كان مصدره في الشؤون الداخلية للدول العربية، وهو ما جعل قمة بيروت تبدو وكأنها الرد المنطقي على الفظاظة الأمريكية والمؤامرة الإسرائيلية.
الحديث الذي يدور حول صعوبة الخروج من مأزق القرار الظني باعتباره شأناً دولياً يقصد منه إحداث البلبلة في صفوف المواطنين اللبنانيين والتقليل من قيمة قمة بيروت والتضامن العربي مع لبنان، لكن ذلك لن يكون سوى فقاعة صابون ستذروها نتائج اللقاء الأخوي للقادة العرب مع كل الفرقاء اللبنانيين وسيخرج لبنان بعد هذه القمة أفضل وأكثر منعة مما كان قبلها بكثير. ياتي هذا في وقت يزوران فيه الرئيس بشار الاسد والمللك عبد الله لك المملكة العربية السعودية لبنان حيث عقد رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال سليمان وخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، عاهل المملكة العربيّة السعوديّة، وسيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، رئيس الجمهوريّة العربيّة السوريّة، لقاء قمة في القصر الجمهوري في بعبدا يوم الجمعة الواقع فيه 30/7/2010. أجرى القادة مباحثات تناولت سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان وتحسين فرص النموّ الاقتصادي والاجتماعي. وقد نوّه القادة بالتطورات الإيجابيّة التي حصلت على الساحة اللبنانيّة منذ اتفاق الدوحة وأكدوا على استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنيّة ودرء الأخطار الخارجيّة. وأعلنوا عن تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقاتها اليوميّة لسيادته واستقلاله وسعيها لزعزعة استقراره. أكد القادة على أهميّة الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا على أيّ مصلحة فئويّة، والاحتكام إلى الشرعيّة والمؤسسات الدستوريّة وإلى حكومة الوحدة الوطنيّة لحلّ الخلافات. وأكد الزعيمان السوري والسعودي إستمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما هو في مصلحة اللبنانيين. استعرض القادة تطوّر الأوضاع على الصعيد الإقليمي وأكدوا على ضرورة التضامن والوقوف صفًّا واحدًا لرفع التحديات التي تواجهها الدول العربيّة، وعلى رأسها التحدّي الإسرائيلي الذي يتمثّل باستمرار الاحتلال للأراضي العربيّة والممارسات التعسفيّة والإجراميّة ضدّ الشعب الفلسطيني وحصار غزة، والسعي المدان لتهويد مدينة القدس، وكذلك مواجهة ما يحاك للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفيّة والمذهبيّة، والتي لن تكون أيّ دولة عربيّة بمنأى عن تداعياتها، وهي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك. أكدوا في هذا المجال ضرورة السعي بصورة حثيثة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، بدون إبطاء، وضمن مهل محدّدة، على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّة مدريد والمبادرة العربيّة للسلام في جميع مندرجاتها.
وكان الملك عبد الله والرئيس الاسد وصلا الى مطار رفيق الحريري الدولي على متن طائرة واحدة عند الثانية من بعد ظهر اليوم. وكان في استقبالهما على ارض المطار الرئيس سليمان ورئيسا مجلسي النواب والوزراء نبيه بري وسعد الحريري، نائبا رئيسي مجلسي النواب فريد مكاري، والوزراء - وزير الدفاع الوطني الياس المر، وعدد من الوزراء وعميد السلك القنصلي في لبنان جوزف حبيس، وسفراء الدول العربية المعتمدون في لبنان، واعضاء مكتب مجلس النواب، الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري، ورئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وقادة الاجهزة الامنية، واركان السلطة القضائية، ومدراء عامون، واركان سفارتي المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية في لبنان. ولدى نزول الملك السعودي والرئيس السوري من الطائرة، قدم اليهما طفلان باللباس التراثي اللبناني باقتي زهر. وبعدما قدم الرئيس سليمان الى الملك السعودي والرئيس السوري كلا من الرئيسين بري والحريري وتقديم رئيس التشريفات في الجمهورية اللبنانية باقي المستقبلين، قدم الملك عبد الله الى الرئيس سليمان اعضاء الوفد السعودي الرسمي المرافق ليقدم من ثم اليه الرئيس الاسد اعضاء الوفد الرسمي السوري، ليتوجه بعد ذلك الرئيس سليمان والملك السعودي والرئيس السوري الى الجناح الرئاسي في المطار لاستراحة قصيرة، قبل ان يغادروا الى قصر بعبدا في السيارة الرئاسية. وصل الموكب الرئاسي الى قصر بعبدا، فتوجه الرئيس سليمان والملك السعودي والرئيس السوري الى "صالون السفراء" بين ثلة من رماحة لواء الحرس الجمهوري حيث أخذت الصورة التذكارية في بهة القصر بعدها عقدوا على الفور قمة ثلاثية انضم اليها فيما بعد الرئيسان بري والحريري قبل ان تتحول الى اجتماع موسع شارك فيه عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين علي الشامي، المدير العام لرئاسة الجمهورية السفير ناجي ابي عاصي. وشارك عن الجانب السعودي وزير الخارجية الامير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز. اما عن الجانب السوري، فشارك وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان.
وفي خلال المحادثات الموسعة، قدم الرئيس سليمان الى خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري وسام الارز الوطني - القلادة الكبرى، فيما قدم الرئيس السوري وسام امية الوطني ذا الوشاح الاكبر، لينتقلوا بعدها الى الحديقة الرئاسية لتفقد شجرتي الصداقة اللبنانية - السعودية واللبنانية - السور