نتطلع في الجمهورية اليمنية كما هو حال كل الأشقاء العرب أن يبدأ لبنان اليوم وبمجرد الانتهاء من حفل تنصيب العماد ميشيل سليمان رئيسا للجمهورية .. مرحلة جديدة من الوفاق والوئام والاستقرار انطلاقا من تنفيذ اتفاق الدوحة الذي توصلت إليه الأطراف اللبنانية بعد حوار جاد كانت فيه الغلبة لصوت العقل ومصلحة لبنان، وهي الروح التي ينبغي أن تظل سائدة في كل الأحوال والظروف وأن يستمر التحلي بها من قبل الجميع لما من شأنه الحفاظ على الوحدة الوطنية والتلاحم الداخلي اللبناني. - وإذا كنا في اليمن نتطلع بمزيد من التفاؤل في أن يكون تنصيب الرئيس التوافقي في لبنان بداية الانفراجة الحقيقية للأزمة التي حاقت بهذا البلد الشقيق فإننا نستمد ذلك من قناعتنا الراسخة أن أمن لبنان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي ، واستقراره هو أمر يهم سائر أقطار الأمة ، وذلك ما أكدته حالة القلق التي طفت على سطح المنطقة جراء الاحتقان الذي كاد أن يعصف بلبنان ويودي به إلى حافة الهاوية خاصة بعد الأحداث التي شهدتها بيروت يوم الثالث من مايو الجاري وهو ما استشعرت مخاطره القيادة السياسية اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح - الذي كان سباقا في التحرك والتواصل مع إخوانه القادة العرب وأمين عام جامعة الدول العربية ، وكذا مع الأطراف اللبنانية من أجل احتواء تلك الأحداث المؤسفة وبلورة موقف عربي موحد للحيلولة دون دخول هذا البلد الشقيق نفق التصادم والتوتر الداخلي - ومثل هذا الموقف القومي والإيجابي والفعال والذي كان له إسهامه المؤثر في تطويق تلك الحرائق التي بدأت بالاشتعال في بيروت وإنجاح المساعي العربية في إقناع الفرقاء اللبنانيين بالعودة إلى طاولة الحوار هو موقف ليس بجديد على اليمن بل كان امتدادا لمواقفها القومية المبدئية التي التزمت بها دوما انطلاقا من استشعارها بمسؤولياتها تجاه أشقائها في السراء والضراء. - وتجسيدا لهذه المبدئية فقد شاركت اليمن من خلال عضويتها في اللجنة العربية التي ترأستها دولة قطر بجهودها إلى جانب الأشقاء وهي الجهود التي توجت بتوقيع الأطراف اللبنانية على اتفاق الدوحة. - وبالقدر الذي يستحق فيه الأشقاء اللبنانيون التهنئة على أبدوه من شجاعة وهم يوقعون على ذلك الاتفاق التاريخي فإن خطوة كهذه قد كشفت في ذات الوقت عن أن في وسع العرب إيجاد الحلول لمشكلاتهم وإدارة صراعاتهم بعيدا عن التدخلات الخارجية كما أنها التي أفصحت أيضا عن أن التحركات العربية ومتى ما كانت مسنودة بالإجماع العربي فإن المعالجات لأية أزمة تصبح ممكنة وسهلة المنال. - وإذا ما سلمنا بهذه الوقائع فلا ندري ما هو العائق الذي يحول دون التنادي العربي في دعم ومساندة جهود المصالحة الفلسطينية وكذا التوافق في العراق والصومال ، حيث وأن ما يحز في النفس أن تستمر الأزمات في تلك الأقطار الشقيقة التي يصلى بنيرانها وسعيرها اخوة لنا في حين أن بالإمكان تجنيبهم تلك المهالك التي جعلت منهم ضحايا أنفسهم. - والواجب على كل الأطراف اللبنانية وبعد أن توصلوا إلى ذلك الاتفاق الهام في الدوحة .. أن يدركوا تماما بأن قوتهم ومنعتهم تكمن في وحدتهم وتلاحمهم، وأن التمسك بهذه الوسائل هو السبيل الوحيد لحماية بلدهم من كل العواصف والأنواء لاعتبارات كثيرة أهمها أن لبنان سبق وأن اكتوى وعانى من مرارات الصراع الداخلي والحروب الأهلية والتي لم ينتج عنها سوى الكوارث والجروح والآلام وهو ما يمكن الاتعاظ من دروسه والاهتداء إلى حقيقة أن خير لبنان في وحدته الوطنية وتلاحم وتماسك أبنائه وانتصار كل طوائفه لقيم التعايش والشراكة والمحبة والوئام.