شعر عماد بندم شديد وهو يشاهد أخاه طريح الفراش بين الحياة والموت في انتظار جرعة دم من فصيلة نادرة، لا يدري هل ستصل قبل فوات الأوان أم...لا. هو نادم لرفضه قبل أيام دعوة صديقه للتبرع بالدم، بل إن ندمه الآن أشد لأنه لم يكتف بالرفض بل أسمع صديقه ما يكره فأوجعه سخرية، وها هي الأقدار تضعه أمام موقف صعب علّمه أن الحياة أحياناً هي دين يدين به البشر لإخوانهم وقت الأزمة والضيق. وفي الأسبوع الماضي مرّ اليوم العالمي للتبرع بالدم كالعادة دون أن نشعر به سوى من بعض الإعلانات التوعوية في قنوات فضائية عربية أعطت للمناسبة حقها. ويعد التبرع بالدم في الواقع - عدا عن كونه أجمل تبرع - إحدى اللفتات الإنسانية النادرة التي تعبر عن التضامن الإنساني والأخوي بين أفراد المجموعة الواحدة وفي شكل أكثر اتساعاً عن مشاعر الانتماء بين أبناء الوطن الواحد، لكن هذه ليست بالطبع كل الحكاية. فصحياً.. يعتبر التبرع بالدم بشكل دوري ذي فائدة للبدن لا لبس فيها، ويرى الأطباء أنه من الأفضل المداومة عليه مرة واحدة كل ستة أشهر، ونحن نقول: لتكن على الأقل مرة واحدة في العام يحرص عندها أفراد الأسرة على التناوب لإعطاء دمهم من يستحقه من المرضى الذين تذهب أرواح بعضهم سدى بسبب تأخر وصول هذا السائل الثمين، والمتوفر عند الأصحاء الذين لا يدركون أهميته إلا متى احتاجوه لأنفسهم أو لأحد أقربائهم. إننا ندعو بكل المحبة أن يصبح التبرع بالدم ثقافة مغروسة في النفوس لبعدها الإنساني العظيم، كما ندعو الجهات المعنية خاصة العاملة في مجال الصحة حكومية كانت أو غير حكومية أن تجعل عبر التوعية المتكررة والبرامج المستمرة من التبرع بالدم مجالاً يدخل في حكم العادة المحببة والمألوفة للمواطن اليمني، وعلى وزارة الصحة أن توفر كل المقومات اللازمة لنجاح هذه الجهود من غرف خاصة في مرافقها لاستقبال المتبرعين يديرها طاقم محترف لتقليص مخاطر العدوى إلى الصفر، وهذا لا يتدعم بشكل جيد سوى من خلال التوسع في شراء أجهزة تحليل الدم بعد التبرع وتأمين حفظه بالطرق العلمية المتعارف عليها. كما لا ننسى توفير الوحدات الصحية المتنقلة في عواصم المحافظات، وفي أهم مناطق التجمعات السكانية في العاصمة لمساعدة الناس الذين يعجزون عن التنقل أو يتكاسلون عن تأدية هذا الواجب العظيم. وكم هو جميل ورائع أن يفيق المريض من غيبوبته وهو يتعافى فيشعر بمحبة أناس لا يعرفهم تجري دماً في عروقه، بل ويدرك أن حياة جديدة منحها الله له بواسطة أجمل تبرع وأغلاه، ولا شك أنه سيعيد يوماً الدين لمن وهبه وأعطاه هذا الشعور بالحياة، فليكن اليوم العالمي للتبرع بالدم هو يوم رد الجميل والتضامن لكل من أعانت قطرات دمه قلباً على الخفقان ثانية وعيناً غشاها الظلام على أن ترى النور والخير محيطاً بها. وكما تدين تدان.