العطلة الصيفية دائماً وعلى مر السنين تسبب لنا القلق والخوف، لأنها فراغ مُملّ يعانيه الشباب في المراحل المختلفة من الأعمار.. شباب الجامعات، شباب الثانوية وما في مستوياتها، شباب الأساسي من (7 - 9)، وهؤلاء الشباب يمرون في أخطر مراحل أعمارهم. الشباب في هذه المراحل الدراسية أعمارهم ما بين 13 سنة في الصف السابع أساسي، و24 سنة في السنة الرابعة جامعة.. إنها مراحل المراهقة والتحولات والطموحات والفتونة والنزوع إلى الاستقلال، والعناد، والتشوق، لأن تكون لهم أفكارهم ورؤاهم، أي مرحلة التقبل والتجاوب مع الأفكار دون تمحيص أو تفريق أو تمييز، إنهم كالأواني الفارغة تصب فيها ما تشاء، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً.. وفي ضوء ذلك تتحدد ملامح المستقبل خيراً أو شراً للبلاد والعباد. المشكلة الشبابية ليست مشكلتنا في أثناء الإجازات الصيفية، ولا حتى في أثناء الشهور الدراسية، إنها مشكلة كل بلد ومجتمع لا يمكن فلسفة تربوية واضحة، ويترك مناهجه التربوية نهباً للفلسفات المتعددة والمتنوعة والمتناقضةوالمتصادمة والمتطرفة والمتعصبة، الأمر الذي يفاجأ معه المجتمع والبلد بجيل مختلف تماماً عما كان يحلم به.. جيل مضطرب التفكير، أو متعصب متطرف يثير المشاكل هنا وهناك، فيثير في البلد الاضطرابات والعنف.. وبدلاً مما كنا نحلم به.. جيل للبناء والإعمار والتنمية، نجد جيلاً للتخريب والتدمير.. ومما يزيد الطين بلّة ألاّ تستغل العطل الصيفية لشغل الشباب فيما يفيد وينفع ويعزز لديهم الاتجاهات والأفكار والمفاهيم والقيم والمبادئ السوية الوطنية الإنسانية.. قيم واتجاهات الخير والحب والجمال التي في النهاية تعدهم وتؤهلهم لإبداع وطن الحب والسلام والتعاون والازدهار. إن المعسكرات والمخيمات الشبابية الصيفية هامة جداً لانتشالهم من الملل، وتحصينهم من مصايد الجماعات والفرق الهدامة والمتعصبة والمخربة والمتطرفة.. لكن في الأول والأخير لابد أن تكون هذه المعسكرات والمخيمات مخططة، مبرمجة، ممنهجة ومجدولة زمنياً على مدار اليوم والأسبوع والشهر، مملوءة بالنشاطات الفكرية والإعدادية والتأهيلية والترويجية المهدفة بشكل محكم مع توفير المتطلبات والاحتياجات.. ما لم فإنها ستؤدي إلى آثار عكسية أكثر ضرراً وسلبية مما لو أنها لم تقم.