مما لاشك فيه أن الديمقراطية اليمنية الناشئة ذات الخمسة عشر ربيعاً استطاعت أن تجتاز خطوات متقدمة على طريق تطوير وتجذير النهج والأطر الديمقراطية والوصول إلى تحقيق ما يشبه السبق على هذا الصعيد من خلال الخطوات الديمقراطية المتسارعة التي انطلقت أولاها في 72 إبريل 3991م بإجراء أول تجربة ديمقراطية بانتخاب أعضاء مجلس النواب عبر انتخابات مباشرة من قبل أبناء الشعب أعقبتها تجربة أكثر نضجاً وأهمية في إطار الممارسة الديمقراطية والمتمثلة في انتخاب رئيس الجمهورية بشكل مباشر في تجربة فريدة شهد الجميع بشفافيتها ومصداقيتها. ولم يقف سقف طموحات القيادة السياسية عند هذا الحد من المناخات الديمقراطية فكان اليمانيون على موعد مع تجربة ديمقراطية جديدة أكثر عمقاً وتأثيراً على صعيد التنمية والبناء والنهضة الشاملة بإقرار نظام السلطة المحلية وانتخاب أعضاء المجالس المحلية على مستوى المحافظات والمديريات على طريق تعزيز مبدأ اللامركزية الإدارية والقضاء على المركزية التي كانت في الماضي تشكل عائقاً أمام مسيرة التنمية جراء روتينها الممل والمعقد، وخلال دورتين انتخابيتين حققت المجالس المحلية نجاحات ملحوظة على مستوى المشاريع الانمائية والخدمية وتحسين مستوى الإيرادات المحلية وتفعيل مبدأ الرقابة والمتابعة التي تقع من صميم مهام المجالس المحلية ولعل هذا النجاح هو ما قاد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح إلى أن يعلن عزم الحكومة على انتخاب محافظي المحافظات ومديري المديريات لكي تكتمل ملامح التحول الديمقراطي النوعي في مجال الحكم المحلي وفي 71 مايو 8002م أوفى القائد بالوعد وشهد الوطن أول انتخابات لرؤساء الوحدات التنفيذية في المحافظات من خلال المنافسة الشريفة عبر صناديق الاقتراع في حدث شكل تحقيقه على أرض الواقع صفعة قوية ومؤلمة لتلكم القوى والفعاليات السياسية والحزبية التي شككت في جدية تنفيذه واعتبرت الإعلان عنه مجرد دعاية انتخابية ليس إلا فإذا بها تصعق وهي تشاهد الوعد قد تحقق وبنجاح منقطع النظير،وتبقى انتخاب مديري المديريات والتي من المقرر أن تجرى بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية في 72 إبريل من العام المقبل. وبهذه الخطوات الديمقراطية الفريدة وبهذه العقلية الفذة التي صنعت من الحلم حقيقة ومن التطلعات والآمال واقعاً معاشاً أضحت بلادنا تمثل مدرسة رائدة في تعليم وتصدير ثقافة الديمقراطية وغدت أنموذجاً يحتذى به وصارت ديمقراطيتنا الشابة الناشئة محط إشادة واحترام وتقدير كل شعوب العالم الديمقراطية وبات الجميع يتغنون ويحتفون بها،وما علينا إلا أن نسهم في الحفاظ على هذه المنجزات والتحولات الديمقراطية ونحيطها بالملاحظات والآراء التي من شأنها تقويم الاعوجاج وإصلاح الخلل الذي قد يتبدى هنا أو هناك،ومن غير المنطقي أن نجد بين صفوفنا من لا يزالون يشككون في ديمقراطيتنا ويتناولون الخطوات التي قطعناها في هذا الجانب بشيء من الاستخفاف والاستهانة ويعمدون إلى تشويه صورتها الزاهية والتقليل من حجم انجازاتها وتحولاتها المبهرة انتصاراً لمصالح حزبية ضيقة في سياق المكايدات والترهات السياسية التي لاناقة للوطن من ورائها ولاجمل،ولابد أن يدرك هؤلاء جيداً أن هنالك بعض القصور وأحياناً تقع بعض الهفوات وتحدث بعض التجاوزات ولكنها تظل محدودة ومحدودة جداً لاتؤثر على المكانة الديمقراطية التي احتلتها بلادنا ضمن قائمة الدول الديمقراطية على المستوى العالمي ومن غير المنصف أن نتعمد إغفال الايجابيات الكبيرة ذات الفائدة والجدوى ونعمد إلى تتبع وإثارة السلبيات البسيطة والنادرة التي لافائدة منها ولا جدوى،فالتاريخ لن يغفر لهؤلاء فعالهم وتصرفاتهم اللاوطنية وغير المسؤولة وستظل الأجيال المتعاقبة تنظر إليها بشيء من السخط والاستهجان والاحتقار إذا ما أصروا على غيهم وسلوكياتهم المشينة واطروحاتهم العفنة التي عافها الجميع وصارت بضاعة كاسدة لا قيمة لها ولا رواج إلا في عقول ومخيلة المأزومين أمثالهم ممن يصدق عليهم قول الشاعر الكبير إيلياء أبي ماضي: