بالأمس القريب احتفلت بلادنا قيادة وحكومة وشعباً بحدث تاريخي هام وذكرى وطنية غالية على قلوب كل أبناء اليمن بمختلف فئاتهم السياسية والحزبية ممن ينظرون إلى هذا الحدث نظرة إنصاف دونما استقصاء أو انحياز، تماشياً مع اختلاف وجهات النظر والرؤى السياسية والحزبية، على اعتبار أن هؤلاء يصدق عليهم المثل «لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب». حيث ينظرون إلى الأحداث والأشياء بالرؤية التي يقولها الحزب أو التنظيم الذي ينتمون إليه دون أن يكون لهم أي رأي أو نقاش حول ذلك حتى ولو كانوا يمتلكون البراهين والحجج الدامغة التي تؤكد أن أحزابهم وتنظيماتهم على خطأ في رؤية أو مسألة مّا، إلاَّ أن التعصب الأعمى للسياسة القائمة على الفرض والإجبار والإكراه والتسليم القطعي تحول دون اعترافهم بالحق وتبيان ذلك على الملأ. ولعل هذه الذكرى التي احتفلنا بها تأتي في مقدمة الأعياد والمناسبات الوطنية الغالية على قلوبنا عقب ثورتي سبتمبر وأكتوبر وتحقيق الوحدة المباركة أغلى الأعياد وأكثرها إشراقاً وبهاءً، فما من شك بأن 71 يوليو 8791م شكل علامة فارقة ومحطة تاريخية هامة في تاريخ اليمن المعاصر، عبر خلالها أبناء شعبنا الأصيل درب البناء والنهوض والتنمية والاستقرار، وأرخت لقيام الدولة اليمنية الفتية عندما أسندت مهمة قيادة البلاد في ظروف سياسية غير مستقرة تسيطر عليها الفوضى والعنف والاضطرابات، لشخصية فذة تمتلك كل مؤهلات القيادي الماهر والسياسي الحكيم صاحب الرؤية الواسعة والأفق المتسع والطموحات والتطلعات اللامتناهية... إنه الزعيم الرمز فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، الذي لبّى نداء الواجب، وتداعى لإنقاذ البلاد من النفق المظلم الذي كادت تنزلق فيه... فكان الفدائي الذي قرّر خوض المهمة للمضي بالبلاد بعيداً عن الأزمات والأوضاع المضطربة على مختلف الأصعدة، غير آبهٍ بأي أخطار أو أضرار قد يدفعها ثمناً لموقفه الوطني النبيل، لم يجبن أو يتخاذل كما صنع البعض، بل تسلّح بالإيمان والشجاعة، وتربع على كرسي الرئاسة المخيف والمروّع والمميت في تلك الفترة، في 71 يوليو 8791م ليعلن للعالم أجمع أن اليمنيين على موعد مع المجد والرفعة والأمن والاستقرار، وألا عودة للاضطرابات السياسية، فالمرحلة ستكون مرحلة خاصة بالبناء والتنمية الشاملة، فسارت السفينة اليمانية تحت قيادة ربانها الماهر في خطى ثابتة، بإرادة أمضى، وعزيمة لا تلين، يُرسي دعائم بناء الدولة اليمنية الفتية ويعمّر الوطن لبنة لبنة.. وخلال سنوات من هذا التاريخ استطاعت البلاد أن تجتاز عقبات وصعوبات الماضي، وبدأت معالم النهضة والتطور تبرز في ملامح وصور عديدة برعاية كريمة من الرئيس القائد، وذلك لأنه عقد العزم منذ توليه مهام القيادة على خدمة الوطن والشعب والسير به قدماً نحو الأفضل في شتى مناحي الحياة، فكان له ما أراد. وها نحن نحتفل بالذكرى الثلاثين لتولي فخامته مقاليد الحكم في البلاد بعد أن تحققت للوطن خلالها جملة من الإنجازات والتحولات المشهودة، التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يقلل من قيمتها وأهميتها، لأنها حقائق واقعية ماثلة للعيان، من المستحيل ألا يحيط بها أو يلمسها أي يمني لايزال قلبه ينبض بالحياة... فهو من عمل على ترسيخ وتجذير الممارسة الديمقراطية والمشاركة في العملية السياسية عبر صياغة الميثاق الوطني، وتأسيس المؤتمر الشعبي العام الخطوة الديمقراطية التي قادت فيما بعد لمبدأ التعددية السياسية والحزبية، مروراً بدعمه وتشجيعه للمزارعين ومنع استيراد المنتجات الزراعية، والتوسع في بناء السدود وفي طليعتها سد مأرب العظيم، بعد ذلك شهد اليمن نمواً اقتصادياً متسارعاً عقب تتويج جهود الرئيس القائد وحرصه التوّاق على اكتشاف الثروات الطبيعية التي تكتنزها الأرض اليمنية في أغوارها وتوظيفها لدعم الاقتصاد الوطني باكتشاف النفط والبدء بتصديره إلى الخارج، وكان لذلك التأثير الأبرز في مستقبل البلاد ومستوى اقتصادها. بعد ذلك عاشت البلاد تنعم بالخير الوفير والمنجزات المتعاقبة التي لا يمكن الاسترسال في الحديث عنها، كونها تحتاج إلى مساحات كبرى، ويكفي - هنا - أن نشير إلى أبرز هذه المنجزات خلال هذه الفترة الزمنية الهامة بفضل الله وبجهود وحرص الرئيس القائد... فهو من أعاد للجسد اليمني قوته، وعمل على إعلان وحدة اليمن والقضاء على التشطير في 22 مايو 0991م، وهو من رسّخ الوحدة وحافظ عليها في صيف 49م، وهو من حلّ كافة قضايا الحدود مع دول الجوار بالحوار السلمي وتحكيم العقل، وهو من خطا بالديمقراطية اليمنية أشواطاً متقدمة، فبعد أن اعتمدها نهجاً في إدارة شؤون الحكم في البلاد في 72 إبريل 3991م بإجراء أول انتخابات برلمانية، أعقبها بتجارب مماثلة قفزت بعدها الديمقراطية خطوة متقدمة كالانتخابات الرئاسية التي تلاها نظام السلطة المحلية واسع الصلاحيات لانتخاب أعضاء المجالس المحلية والمحافظين ومديري المديريات، علاوة على اهتماماته وإنجازاته الباهرة في شتى المجالات والقطاعات التنموية ذات الصلة بالبنية التحتية من مشاريع ومنجزات في التعليم والاتصالات والنقل والمواصلات والمياه والكهرباء والصحة والقضاء والزراعة والاستثمار والشباب والرياضة والأوقاف والإرشاد والإعلام والثقافة وغيرها من المجالات التي انتقلت خلال (03) عاماً من حكم الرئيس «الصالح» نقلات نوعية نفاخر بها اليوم في هذه المناسبة العظيمة، مثمنين الدور الرائد للرئيس القائد في تحقيقها، آملين أن نلمس المزيد والمزيد منها تحت قيادته الحكيمة. وأملي أن نجعل من هذه الذكرى مناسبة لدك أوكار الفساد والمفسدين، والقضاء على مظاهر التحايل والتلاعب بالمال العام، واستغلال الثروات في تحقيق مصالح ذاتية ضيقة لأناس يعمدون إلى تعطيل مسيرة التنمية والنهوض الاقتصادي الشامل التي يقودها بحكمة وحنكة واقتدار فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح... وأملي أن تتكاتف الجهود من أجل ترجمة مضامين البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية وتحويله من رؤى وأفكار مكتوبة إلى حقائق ووقائع معاشة وملموسة، كون المرحلة تتطلب تطبيق هذه الرؤى الحكيمة والسديدة لضمان الولوج في رحاب يمن جديد يمتلك مقومات النهوض والتنمية والتطوير والتحديث يرنو فيه أفراده ويتطلعون نحو مستقبل أفضل.