لم يعد الكثير من الأدباء ينتظرون أو يتوقعون أن تكون لهم هيبة أو كلمة «مسموعة» لدى أبنائهم كما لو كانت طاعة الآباء والأمهات قد صارت أثراً من آثار الماضي أو تقليعة من التقليعات القديمة التي لاتليق «بموضة العصر» فمن أين أتى الخلل؟ لقد شاركت الفضائيات في زعزعة ثقة الشباب بأنفسهم وبكل مايتعلق بماضيهم وتراثهم وجعلت من الأخلاق مبعثاً على الاستهجان ومن التدين مدعاة للسخرية، وجعلت من الأخذ بأسباب الرقي الروحي شبهة توصم صاحبها بالبلادة والتخلف !! فهل يستمر هذا المد الإعلاني المجنون طويلاً ؟ إنهم لايأبهون أن يصلح الشباب أو لايصلح، بل نجدهم يمعنون في إفساد الشباب عن طريق إغرائه وإغوائه وإفساد تفكيره وتلويث معتقداته الصحيحة النابضة بالخير، المتدفقة بأسباب القوة والعزة والكرامة ليزرعوا مكانها أسباب الضعف والانحلال والفساد الثقافي كوسيلة من وسائلهم لاجتثاث قيم الأخلاق والنبل والشرف، فإذا مافقدت الأجيال هذه القيم، هانت عليهم أنفسهم، وهانت عليهم بلادهم وأهليهم.. «الذين خسروا أنفسهم فهم لايؤمنون». فهل يدرك أصحاب الفضائيات فداحة جرمهم في حق الشباب والأوطان ؟ هل يدركون أن في ضياع الشباب ضياعاً للأوطان؟! ونسأل أصحاب الفضائيات المتخصصة بعرض الأجساد العارية والمواقف الفاضحة واللقطات الساقطة وعرض أفلام الجنس وإباحة العري والتهتك وبيع الأعراض وامتهان الفضيلة واحتقار الأعراف وغير ذلك مما يلهي ويغري ويفسد.. هل هذا كله أقل خطورة من المورفين والحشيش والأفيون والهيروين والتدخين؟! فإذا علموا أن ما يقدمونه لايقل خطورة ولايقل عبثاً ولابشاعة ولاموتاً للشعوب من المخدرات، فهل يواصلون رسالتهم المجنونة؟ لقد شارك الإعلام «ليس كله» والفضاء السياسي والاجتماعي والثقافي في هدم أواصر الأسرة، ولم يعد من دور للأم سوى أن تنجب والشارع يستقبل .. فالتربية معدومة، والغذاء كيفما كان.. والسكن حسب نظام الجملة غرفة صغيرة كانت لطفل واحد فصارت لعشرة، لايرون أمهم إلاَّ متجهمة ولايجدون أباهم إلاَّ عابساً.. علاقات متنافرة وصرخات متتالية ودعوات يرتعد من هولها الصغار والكبار «جننتونا الله يجننكم» فهل بعد هذا كله ينتظر الآباء أو يتوقعون أن تكون لهم هيبة أو كلمة مسموعة؟!!