المخالفات المرورية لاتعد ولاتحصى فهي من حيث العدد أكثر من عساكر المرور ومن حيث النوع أكثر من عدد ضباط المرور وأشد منهم بأساً وأكثر منهم جرأة على الظهور.مخالفات المرور تتجه نحو الزيادة وليس نحو النقصان لأسباب كثيرة. يأتي في مقدمة هذه الأسباب: الإنسان، فهناك قصور فادح في تفكير الإنسان الذي يوكل إليه عملية تخطيط المدن وتخطيط الشوارع وتخطيط وضع اللافتات والإشارات والعلامات المرورية..وكما أن هناك قصوراً في تفكير الإنسان من ناحية التخطيط هناك قصور أشد فداحة وأعظم خطراً وأدعى إلى اليأس والحزن ونعني بذلك رداءة الإنسان الذي يوكل إليه قيادة السيارات والحافلات والقاطرات من غير أن يجد من يؤهله إنسانياً وتربوياً وأخلاقياً لكي يحترم نفسه أولاً ويحترم إشارات المرور ويحترم مشاعر الناس فلا يؤذيهم بأخلاقه الفاسدة وتصرفاته الرخيصة وألفاظه الفاجرة.. لقد ترك للسائقين الحبل على الغارب و خصوصاً الكثيرون من سائقي حافلات الأجرة، الباصات الصغيرة Micro Bus من فئة «العكبار» الأصغر حتى العكبار الأكبر..الذين معظمهم من الشباب «الواعد»!! فبماذا يعد أمثال هؤلاء؟ وإذا علمنا أن بعض سائقي هذه الحافلات الصغيرة من فئة العكابر على مستوى كبير من الأخلاق الفاضلة فما ذنب أمثال هؤلاء أن يجدوا من يشوه سمعتهم من زملائهم من الشباب الطائش أو النزق من الذين لم يجدوا أسرة مستقيمة تعينهم على الاستقامة ولم يجدوا عقلاً ولاقلباً في العائلة كلها يقدم لهم النصح ويرشدهم نحو الصواب ويزرع في عقولهم ونفوسهم مكارم الأخلاق فيظن أهلهم أن أمثال هذه الأخلاق الرديئة لاتؤهل صاحبها إلاَّ أن يكون سائق حافلة أجرة من نوع «عكبار» أو دراجة نارية من أي نوع وهم بذلك يظنون أنهم قد وجدوا حلاً لابنهم وحلاً لمعيشتهم وقد ينجحون في ذلك أو لاينجحون فقد تضيع الحافلة ويضيع ابنهم إذا لم يتسلح بالأخلاق ويتحصن بالمروءة وحلاوة اللسان والحرص على مشاعر الناس والكف عن أذاهم بلسانه أو فعله. ومن ناحية ثانية فإن عساكر المرور منهم من يخرج من بيته حاملاً فوق ظهره جبالاً من الهموم «الأسرية» ولايتمنى شيئاً في يومه مثلما يتمنى أن يكثر المخالفون لإشارات المرور ولايستبعد أن يتوجه إلى الله بالتضرع والدعاء أن يجعل يومه حافلاً بالمخالفين لقواعد المرور حتى يستطيع أن يعود لأهله بمطالبهم التي لاتنتهي أبداً. هذا العسكري الذي يتصرف على هذا النحو ليس هو العسكري المثالي الذي نتمنى رؤيته أو نسعد بوجوده ومع ذلك فهو موجود شئنا ذلك أم أبينا.. فهل يستحق أن نلومه كثيراً على هذا التصرف غير الحضاري وغير المنسجم مع شروط المواطنة الصالحة..هناك من يقول: إنه معذور لأن راتبه الشهري لايلبي حاجات الأسرة الضرورية، فلابد له أن يجد مصدراً آخر للرزق.. وهناك من يقول: إنه يستحق اللوم والتأنيب والعقاب لأن موظفي الدولة ليسوا بأفضل من شرطي المرور في رواتبهم، فالكل في الهم سواء وإذا أبحنا للعسكري أن يحصل على رزقه من خارج راتبه الشهري فعلينا أن نبيح لموظفي الدولة أن يحصلوا على أرزاقهم من خارج مرتباتهم..أن يخارجوا أنفسهم..أن يتحولوا إلى عكابر مكتبية تقرض الأدراج وتحفر الجدران وتخرب الإدارات وتمحو كل أثر للإخلاص والالتزام والصبر على مشاق الحياة حتى يمن الله علينا جميعاً بالرخاء والازدهار وفريق ثالث يقول: كان بإمكان عسكري المرور أن يصبر على الفقر وعلى ضنك المعيشة لو أنه رأى الآخرين قد ساروا على النهج نفسه في تعاملهم مع وظائفهم ودرجاتهم ورتبهم.. أما وهم يرون البعض منهم قد سمح لنفسه بالانفلات وسمح لنفسه أن يأكل ويلبس ويبني من غير دخل وظيفته فكيف نحرم على هذا مالانحرمه على ذاك؟! نسأل الله للأخ مدير المرور التوفيق والسداد والصبر على المكاره وأن يضع في حسابه أن مايقرب من 05% من قدراته وطاقاته سوف تذهب في إقناع بعض المنتسبين لإدارة المرور أنهم لايملكون الحق في أن تكون لهم حافلات «عكابر» أجرة أو تكون لهم دراجات نارية بالعشرات وربما أكثر يعمل عليها سائقون تحت الحصانة.. لايستطيع عسكري المرور أن يفعل شيئاً عندما يرتكب أمثال هؤلاء المخالفات سوى أن يؤدي لهم التحية، والويل لذلك العسكري الشجاع من شرطة المرور إن هو أقدم على إلزام حافلة أو دراجة نارية يملكها واحد من زملائه أن تلتزم بالنظام والقانون والانضباط فسوف يجد نفسه في وضع لايحسد عليه.. نسأل الله العلي القدير أن يمنح مديرنا الجديد لإدارة المرور القدرة والشجاعة وأن يزحزح أولئك الرواسي من رجال المرور في أن يبحثوا عن تجارة أخرى يكسبون منها المال غير تلك التجارة الملتصقة بعملهم كجنود يخدمون الوطن وليسوا كجنود يحرسون مصالحهم، وعكابرهم فإذا لم يكن شرطة المرور قدوة لجنودهم .. فكيف نلوم الصغير لمجرد أنه رأى الكبير يرقص فحنّت نفسه للرقص فرقص!!؟؟