لايخامرنا أدنى شك في أن الأخ مدير مرور تعز العميد يحيى زاهر قد نجح نجاحاً كبيراً في بداية عهده على رأس إدارة مرور محافظة تعز،خصوصاً في تعامله مع الحافلات الصغيرة المختصة بنقل الركاب داخل المدينة وضواحيها،حيث استطاع أن يحد بكفاءة ومسئولية من حدة الفوضى التي كانت قد تغلغلت واستفحل أمرها،وغدت من أهم أسباب عوائق المرور وإرباك السير وتعطيل حركة الناس في الأسواق والشوارع الكبيرة والصغيرة على السواء. كانت خطوة موفقة أن توزع الحافلات على المناطق المختلفة اتفاقاً مع حاجة الناس وتخفيفاً لهم من عناء السير مسافة بعيدة،خصوصاً أولئك الذين يعانون من آلام وأوجاع الجهاز الحركي أو يعانون من الضعف والوهن،مثل الشيوخ والنساء وغيرهم.. هذه مسألة،تحسب لذلك القدر من النجاح الذي حققه مدير المرور في بداية عهده،ونحن لانشك مطلقاً في أن جهوده مازالت تسير في الخط نفسه وربما بحماس أكبر،وربما صار اليوم أكثر جرأة وإقداماً على المضي في تحقيق إنجازات أكثر أهمية وأعمق أثراً، حتى لايقال إنه لم يعد في جعبته شيء مما كان يشغل ذهنه قبل أن يحقق الشهرة والسمعة الطيبة... !! إن الذي يلقي نظرة فاحصة على مسألة الحافلات المحتشدة في أماكن متفرقة من شرق المدينة إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها سوف يشعر بالاكتئاب،إذ كيف صارت هذه الكائنات تتوالد كما تتوالد البكتيريا والديدان ولايصح أن نقارن هذا التكاثر بتكاثر الأرانب أو بتكاثر الجِراء،فليس هناك مجال للمقارنة،فماذا يستطيع الأخ مدير المرور أن يفعل لإيقاف هذا التكاثر؟ فلو أن الأمر استمر على هذا النحو الذي نراه فسوف يجد أصحاب هذه الحافلات أنفسهم عاطلين بدون عمل ينتظرون الساعات فوق حافلاتهم،أو يكتفي الواحد منهم براكب واحد يسير به خلف طابور طويل من الحافلات،فما إن يصل الواحد منهم جهته في الطرف الآخر من المدينة حتى يكون الوقت قد ضاع وتجاوزت الشمس كبد السماء يحسدها كل الناس على الأرض،على حرية الحركة والانطلاق بينما هم مقيدون عن الحركة داخل مركباتهم.. وعندما يجتمع في أي مدينة من المدن ضيق الشوارع وسوء التخطيط وكثرة عدد السيارات،كماهو حال مدينة تعز،فإنه لايسعنا إلاَّ أن نستصرخ كل الجهات المعنية مثل الاشغال العامة والمجلس المحلي ومصلحة الجمارك والأمن العام ومجلس أمناء الجامعة ومراكز البحوث ومكتب الطيران والخطوط البرية ومشروع التطوير البلدي ومكتب التخطيط في الاسكان وجهات أخرى كثيرة لانعلمها،نقول لهم إن كل جهة من هذه الجهات وغيرها،ليس دورها هو دور المتفرج.. فما أكثر المتفرجين وما أقل العاملين.. فماذا يستطيع مدير المرور أن يفعل إذا لم تتعاون معه الاشغال العامة والمجلس المحلي ومصلحة الجمارك في الحد من الاستيراد،ومجلس أمناء الجامعة والبحوث في طرح تصورات للحلول وكذلك الأمر لكل جهة من الجهات المذكورة. على أنه لايجب أن نغفل أن أعظم الصعوبات التي تواجه مدير المرور هي من صنع ضباط المرور وعساكر المرور.. ضباط المرور ليسوا منزهين عن الأخطاء.. الكثيرون منهم يملكون حافلات «دباب» ويملكون موتورسيكلات يؤجرونها ويقدمون للمستأجرين التسهيلات غير القانونية يتواطؤون كثيراً ويغمضون عيونهم كثيراً عن عيوب وأخطاء ومخالفات بل وانحرافات مرورية.. فهل يستطيع الأخ مدير المرور أن يضبط ضباطه مع الأخذ في الاعتبار أن هناك من الضباط من يجد سنداً ودعماً من جهات أعلى مقاماً ووجاهة من مدير المرور نفسه،فكيف يستطيع أن يضبط أمثال هؤلاء إلاَّ إذا أراد أن يكون بطلاً لايستمد قوته من كرسيه الذي لايدوم لأحد وإنما يستمد قوته وجرأته من الحق الذي يمثله والقانون الذي يحترمه ويطبقه. هناك مسألة أخرى في غاية الأهمية وهي أن عسكري المرور مظلوم من عدة وجوه!! أهمها:أنه لم يجد من يؤهله تأهيلاً كاملاً علمياً وثقافة ومهنياً.. لم يجد عسكري المرور من يهتم بمعاشه ولابمشاكله مع أولاده في بيته فمرتبه لايكفيه ولذلك نراه لايلتفت إلى المخالفة المرورية بقدر مايفرح بها لأنها فرصة أن يحصل على بعض المال،نراه يؤدي التحية لمن لايستحقونها فلماذا لايمنع عسكري المرور من تأدية التحية لأي من كان،صيانة لكرامته وحفاظاً على مروءته.. ثالثاً:عسكري المرور صار بدون هيئة ولاهيبة ولاشخصية رأيت أبناء مسئولين يمرقون أمام عسكري المرور،يلتفتون نحوه بازدراء ويعاملونه باحتقار.. رأيت ضباطاً من الأمن العام ومن المرور يوجهون ألفاظاً قاسية ضد شرطي المرور،لا لشيء إلاَّ لأنه تجرأ وأوقف سيارة أحدهم ليعطي الحق في السير لسيارة أخرى يقودها سائق فقير في حالة رثة.. كم سأذكر من عيوب يقترفها المسئولون أنفسهم ضد عساكر المرور،فهل يستطيع العميد زاهر أن يعيد لعسكري المرور هيبته وهل يستطيع ذلك دون أن يحسن معاشه ويؤهله حتى لايكون هو نفسه عبئاً على نفسه.. يؤهله أن يحترم نفسه ويحترم مهنته ويكتفي بما قسم الله له من رزق ولايسمح ليده أن تتحول إلى يد متسول.