قبل سنوات كان السياسيون يشكون من ظهور صحف صفراء تروج الأخبار «المفبركة» المعجونة بالأكاذيب.. لكنهم اليوم يترحمون على ذلك الزمان، فقد ظهرت صحف صفراء تجهل حتى فن «الفبركة». فبقدرة «صاحبة الجلالة» و «السلطة الرابعة» - الصحافة - أفاقت الجالية العراقية في اليمن يوم الاثنين، وقد أصبح عددها أكثر من (002) ألف عراقي، بعد أن كانت لاتتجاوز الستين ألف شخص.. وبقدرتها الخارقة أيضاً اكتشف أبناء الجالية أنهم تم ترحيلهم إلى بلدهم «المحتل» منذ أيام، ورغماً عن أنوفهم..! فلم يعرفوا كيف هم مازالوا على الأراضي اليمنية بينما «صاحبة الجلالة» تؤكد عكس ذلك! يبدو أن خصوم السلطة في اليمن قد أفلسوا نهائياً، واستنفدوا كل الأكاذيب، والفتن التي يواجهون بها النظام، ولم يجدوا من سبيل لإشعال أزمة سياسية جديدة يلعبون على حبالها، غير ذلك الخبر البائس الذي أشاعوه، وادعوا فيه أن اليمن قامت بترحيل نحو «002» ألف عراقي. لكن هؤلاء الصحافيين البائسين نسوا أن العراقيين مرت عليهم خلال أعوام الاحتلال الماضية شتى ألوان الفتن، ومن كثر ماذاقوه من ويلاتها صاروا يتفوقون على العالم بفن كشف الفتنة، ودعاتها، فلم يستدع الأمر منهم تفكيراً في فهم الرسالة التي حملها الخبر، وإدراكاً أن هناك ثمة من لايريد عودة العلاقات التاريخية بين اليمن والعراق، فصار يوحي لنظام بغداد بأن صنعاء تحتضن قيادات النظام السابق وتستخدمهم في عمليات ترحيل «مذهبية».. وفاته أن بغداد لديها سفارة بصنعاء، وستطلب منها توضيح الحقيقة، وستفند أكاذيبه، وستفهم فحوى الرسالة، ومدى خوف البعض من أن ينعكس أي تقارب عراقي يمني على وجوده ومصالحه. الغريب أن هؤلاء الناس يتخيلون أنهم أذكى من غيرهم، وأن حيلهم ستمر على أجهزة الدولة اليمنية، وسيبتلع الجميع الطعم، وتتقطع الجسور بين بغداد وصنعاء.. إلاّ أن الحقيقة كانت العكس، وانقلب السحر على الساحر، وتأكدت شكوك صنعاء بشأن بعض ما يثار على ساحتها من تعبئة ثقافية سلبية، تغرس الأحقاد والكراهية، وتمعن في جر الساحة إلى أتون الفتن والأزمات، والعزلة الدولية ، وليس لسبب كبير، وإنما لأوهام في رؤوسهم، ولمصالح شخصية ليس أكثر!! من المؤسف حقاً أن يحاول البعض تسويق أزماته، ومشاكله، وفكره المريض إلى ساحة بلد محب للأمن والسلام، وشعبه طموح لحياة كريمة، ومستقبل أفضل لأجياله.. شعب كريم يفتح ذراعيه لكل الأشقاء المنكوبين بغض النظر عن جنسيتهم أو انتمائهم السياسي، أو موقفهم من حكومات بلدانهم، طالما هم عرب مسلمون، وضيوف يحترمون قوانين وأنظمة وتقاليد البلد الذي يستضيفهم، ويحرصون أيضاً على أمنه واستقراره. فمن كان يدعي أنه قومي، ألا يكفي ما في الأمة من تمزق لتضيف إليه فتناً مذهبية!؟ ومن كان يتلفع بعباءة الدين، أليس الإسلام دين وحدة وأمن وسلام..!؟ فلما بالكم انقلبتم على ماتدعون وتحولتم إلى سياط القوى الإمبريالية تجلدون الأمة بالفتن، وتسعون للشقاق.. فبئس ما اخترتم، وبئس الرجال أنتم، وخابت مكائدكم.. ولن تقول اليمن لكم سوى: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»..