تتحدث الدوائر الأمنية الأمريكية عن «جيل جديد» من الإرهابيين، وتقول انهم «الاشد فتكاً» من جيل «القاعدة» الأول، إلا أن احداث «تريم» اثبتت بطلان الادعاء الأمريكي. بفضل التضحيات البطولية للقوات الأمنية اليمنية تم القضاء على الخلية الإرهابية التي كانت تقف وراء معظم الاحداث التي شهدتها اليمن مؤخراً.. وبحسب التصريحات الرسمية فإن قائد هذه الخلية «القعيطي» هو أحد االفارين من سجن الأمن السياسي ضمن مجموعة ال«32» إرهابياً التي فرت وأعيد إلقاء القبض على معظم عناصرها، بينما قتل آخرون منهم في مواجهات مع الأمن. وبهذا يتأكد لنا ان فرصة «الجيل الثاني» من القاعدة ليست دقيقة إطلاقاً بدليل أن جميع العمليات المثيرة للجدل كان يقودها أحد العناصر المطلوبة منذ بداية الحرب على الإرهاب.. وهذا أمر مطمئن لليمن نسبياً طالما أوكار انتاج الإرهاب وصناعة الإرهابيين لم يعد لها وجود على أراضيها وحتى وإن وجدت فإن نشاطها اضعف من ان يشكل تهديداً مستقبلياً كونه محدوداً جداً. لكن تبقى هناك مسألة مهمة وهي معاودة تلك العناصر القاعدية لأنشطتها في هذه المرحلة، إلى جانب حجم المخططات التي تحملها، والتي تقول الجهات الأمنية إنها كانت تخطط لضرب أهداف حيوية داخل اليمن والمملكة العربية السعودية.. وهو طموح كبير قياساً إلى حجم الجهود التي تبذلها اليمن والمملكة في مواجهة الإرهاب الأمر الذي يثير التساؤل حول طبيعة ما تراهن عليه هذه الخلايا الإرهابية، في رسم أهدافها الإجرامية .. !! اعتقد أن هناك عوامل نستطيع التكهن بها مثل تكنولوجيا المعلومات التي غزت حتى القرى النائية وبما يتيح فرصاً رحبة للتواصل، والتنسيق، والتخطيط، والاتفاق، وتبادل دقائق المعلومات بفضل شبكات الانترنت.. أما العامل الآخر فهو ان التنظيمات الإرهابية أصبح لها مواقع انترنت تثبت من خلالها الكثير من التدريبات سواء تلك المتعلقة بأساليب ضرب الأهداف أو المراقبة أو التخفي والهروب، إضافة إلى التدريب على كيفية صنع القنابل، والمتفجرات المختلفة. وهذا يعني ان المعرفة بصناعة أدوات العنف باتت متاحة لكل من هب ودب، في نفس الوقت الذي لم يعد بوسع الحكومات حجب تلك المواقع في ظل ابتكار برامج «بروكسي» لكسر الحجب. قد يكون ما سبق أحد أهم عوامل تجدد الأنشطة الإرهابية في المنطقة، إلا أنه يبقى عاملاً ناقصاً ما لم تتوصل الحكومات إلى معرفة آلية حصول هؤلاء الإرهابيين على الوثائق الرسمية «كالجوازات» التي تكفل لهم عبور حدود الدول، وكذلك آلية حصولهم على التمويل المالي الذي يكفل لهم الحصول على المواد المتفجرة والمعدات المختلفة وجميعها باهظة الأثمان. ومثلما نسمع عن مداهمات لمعاقل الإرهاب في اليمن فإن في المملكة العربية السعودية يحدث شيء مماثل، وحملات تعبئة إعلامية مناهظة للإرهاب على قدر كبير من الأهمية، وأعتقد لو صعّد البلدان من مستوى تعاونهما، وأسهمت المملكة العربية السعودية في تقديم الدعم التمويلي لليمن لتمكينها من مضاعفة جهودها على الحدود في الحد من التسلل والتهريب، لكانت الثمرة أعظم، ولحوصرت هذه العناصر وانتهى شرها من المنطقة كاملاً، فالإرهاب يلتقط أنفاسه الأخيرة، ولا وجود لأي جيل جديدة للقاعدة.