أخيراً رحل فارس الكلمة، فارس القصيدة المقاتلة... الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش... أسلم الروح لله في العاشر من شهر آب أغسطس، بعد رحلة طويلة من النضال من أجل (حبيبته .. معشوقته .. انتمائه) فلسطين التي وهب حياته وقصيدته لها ولحريتها، لترابها، لمدنها، لقراها، لزيتونها، لأشجارها، لكنائسها، لمساجدها، لبحرها، لشواطئها، لسمائها وأرضها... لقد كان معجوناً وقصيدته، ل(فلسطين) للقضية.. قضية العرب والمسلمين وكل الأحرار في العالم... إنها قضية الإنسانية التي حملها (درويش) على كاهله، وفي عقله، ليحوّلها إلى قصائد قرأها الفلسطيني والعربي والعالم.. ف(درويش) شاعر فلسطيني، عربي، عالمي، تُرجمت دواوينه إلى العديد من اللغات لتقضّ مضاجع الغاصب الصهيوني وتقلقه، لأنها قصائد مثّلت ومازالت تمثّل زيت الثورة الفلسطينية، وجذور الثورة باقية ما بقيت القصيدة.. فالقصيدة ستبقى تغذي الثورة واستمرارها وبقاءها... لذا ف(درويش) رحل لكن قصيدته باقية.. وعليه فهو (الرّاحل الباقي) سيبقى في ضمير وذاكرة وحضور الشعب والثورة الفلسطينية حتى التحرير. عاش الراحل العربي الكبير محمود درويش عذابات الشعب الفلسطيني ونضالاته، وصموده ساعة بساعة، بل دقيقة بدقيقة، بل ثانية بثانية منذ النكبة حتى فارق الحياة، ولم يكن بعيداًعن شعبه، بل شريكاً له كل عذاباته على يد العصابات الصهيونية الغاصبة التي عجز العالم والمجتمع الدولي الذي تتشدق به الإدارة الأمريكية عن ردعها واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المغصوبة.. لا لشيء إلا لأن الإدارة الأمريكية تنحاز إلى جانبها، وتدعم وتساند عدوانها واغتصابها وتمردها على المجتمع الدولي.. هذه العصابات التي لم تستطع تحمل القصيدة (الدرويشية) المقاتلة... لقد رأت في قصائد (درويش) مدافع، وفي كلماتها رصاصاً.. فقررت الخلاص من (درويش) فنفته إلى خارج فلسطين، ظانة أنها ستسكته، وأنها ستوقف كل علاقة له بفلسطين، فكانت مخطئة.. ف(درويش) يحمل فلسطين في قلبه وعقله معشوقة أبدية، وانتماءً لا ينفصمان عنه، وظلت قصيدته المقاتلة تقلق الصهاينة في فلسطينالمحتلة.. وإذا كان اليوم قد رحل فإن قصيدته باقية ليبقى درويش (الرّاحل الباقي)، و(الغائب الحاضر).