الحديث عن الترجمات القرآنية باللغات غير العربية تستحق وقفة أشمل من مجرد الترجمة، وسنأخذ مثالاً باللغة الرومانية عارضين لتجربة محددة في هذا الجانب الرومانية مُلاحظين ثنائية الميتافيزيقا والبرهان بوصفهما الضابط التاريخي لتلك الترجمات، وسنبحث ضمناً عن حالة مُفارقة اعتمدت الابستمولوجيا لغرض التمهيد الراسخ لترجمة أبعد ما تكون عن البعدين الميتافيزيقي والبرهاني، من حيث أنها تنوع على «منزلة بين المنزلتين» فلا تأخذ بالبرهان الصرف، ولا تغفل الميتافيزيقا . المثل الأول يتعلق بالأمير الروماني dimitrie cantemir الذي انطق في ترجمته الأولى وغير المسبوقة رومانياً من الفكر المسيحي الكنسي محاولاً تعميم مفهوم مغاير جذرياً لمفهوم المسمى الأساسي للإسلام ، فبدلاً عن” الدين الإسلامي “ استخدم كانتامير المصطلح الأيديولوجي الذي شاع والذي سمى الإسلام باسم “ الديانة المحمدية “ ، نسبة إلى نبي الإسلام محمد «صلى الله عليه وسلم» ، وكأن الإسلام ابتداع من عند رسول المسلمين، وليس أمراً إلهياً مشفوعاً بنص أُنزل به الوحي، ويتضح من هذا المسمى الذي شاع في أدبيات الترجمة والاستشراق الأوربي البعد الأيديولوجي الرافض مسبقاً للدين الإسلامي، محاولة اختزاله في الحالة العربية، وشخص الرسول الكريم ، مما يكشف ذلك البعد التلفيقي في التعامل مع الحقيقة القرآنية والدين الإسلامي . كان الأمير كانتامير مهجوساً بالثقافة العربية الإسلامية، موصوفاً بالتفكّر والتدبُّر، غير أنه لم يُفلح في الانسلاخ من العقيدة الأيديولوجية المسيحية عندما قام بأول ترجمة للقرآن الكريم إلى اللغة الرومانية، وكانت تلك الترجمة انتقائية، تفسيرية، ومجاورة للنظرات التي لا تثير حفيظة ورفض الكهنوت الكنسي المسيحي، ولعلنا نعذر كانتامير في ذلك لأنه عاش في مرحلة المد الصليبي المتعصب الرافض لأي اجتهاد مُنصف، أ و أي قول يجافي ثوابت ما ذهبت إليه الكنيسة المسيّجة بمحاكم الغفران والتكفير.