كاد رمضان المبارك يودع، ولقد أثبت رمضان على الدوام أنه شهر البركة وأن الشراهة في الاستهلاك ليس من أخلاقه، وإنما هو خلق بعض الناس، الذين ما إن يهل هلال رمضان، حتى يبادرون لإحداث فوضى في الأسواق، تكالباً على ما يطعم وما يشرب، وكأنهم في سوق إلى محشر الطعام والشراب، لا إلى مائدة المغفرة والانابة والتوبة. تعمر الموائد بالطعام والشراب، ولكنها آخر المطاف تذهب يشيعها الشرف إلى الزبالة، بينما عشرات الناس يتضورون جوعاً. لقد كان من عادة اليمنيين في رمضان أن يعمروا موائدهم بالمساكين والفقراء ولا يطيب لأكثرهم فطور إلا إذا كان على مائدته بعض هؤلاء كانت هذه العادة في المدينة والريف، وأعرف شخصاً في قريتي رحمه الله يظل في المسجد طويلاً، ينتظر المساكين ليعزمهم على الافطار، بل ويرجو إخوانه من أهل القرية أن يسمحوا له باصطحاب الغرباء الذين ليس لهم ملاذ إلا المسجد، بل كان أهل القرية يجمعون إفطارهم إلى المسجد، ويبسطون مائدة، لمزيد من التنوع ومواساة، الذين لا يملكون من الطعام الكثير، كنت قد اتصلت ببعض الموسرين في أول شعبان، لينفذ فكرة «مائدة رمضان» فاستحسن الفكرة، ولكن تحتاج كما قال إلى جيش من الجنود لينظموا المائدة والمقبلين عليها، فنحن شعب يحتاج فترة لترسيخ هذه الفكرة وتنفيذها بعد ذلك، ولكن أحسب أن الفكرة ستلقى نجاحاً عند أن تقوم كل مؤسسة فتقيم مائدة افطار لموظفيها، فالموظفون يستحقون هذه المائدة لأنهم فقراء.. المهم إن الحمدلله تعالى فأمة محمد إلى خير والحمدلله الذي جعل رمضان ضيفاً كريماً، نحبه ونجله ونسأله تعالى أن يتقبلنا فيه وفي غيره من الشهور.