في بلادنا فقط هناك من يطالب بديمقراطية الفوضى.. ديمقراطية لا تعترف بمبادئ ولا تقف عند حد.. ديمقراطية لا تقيم للكلام، وزناً ولا تهتم بمعاني الكلمات، ولا تفرق بين الرصاصة والكلمة وعندها صارت الفوضى حواراً من طرف ضد البلد، وعلى الجميع أن يستمعوا إليه ليثبتوا ديمقراطيتهم وإيمانهم بالتعددية واحترامهم للحرية.. في بلادنا فقط تُرفع البندقية في وجه الدستور والقانون والثوابت الوطنية للمطالبة بما يُسمى بالحقوق، ومع هذا كله لم ينفد حلم الديمقراطية في هذا البلد أمام هذه الفوضى وقد تعفنت الحقوق وصارت نتنة كرائحة الخيانة بل هي أشد من ذلك.. في بلادنا فقط يريد البعض أن يفعل ما يشاء سراً وعلانية وإن كان فعله لتضيق به أوسع الديمقراطيات وكل الحريات لأنه لم يعد عملاً ديمقراطياً بل تخريباً وفوضى، ومع هذا يتمادى البعض في ممارسة الاستفزاز والتحدي للقيم والمبادئ والحرية وللقوانين النافذة وللمجتمع اليمني الذي يدرك ما الذي يحدث؟ ويدرك أن البعض يمارس ديمقراطية الخراب وأن هذا البعض لم يكن ديمقراطياً في يوم من الأيام ولن يكون وأن الطريقة التي تدار بها المهرجانات تحكي تفاصيل الخراب المأمول عند أولئك الذين يريدونها حرية وديمقراطية لإخراجهم من السجون ولممارسة الفوضى بلا حدود ولا قيود. في بلادنا فقط نجد أحزاباً لا تقول كلمة ولا تبدي رأياً واضحاً في ما يقال في مهرجانات التمرد على الدستور والنظام والقانون والمصلحة العامة للبلد، فقط لأن هذه الأحزاب معارضة فإنها تلتزم الصمت الذي يدعم الفوضى وإن كانت تلك المهرجانات التي ينظمها القليل من أصحاب النفوس المريضة مناهضة للوحدة التي هي ملك كل الشعب اليمني، فإن أحزاب المعارضة لا تقول شيئاً لأنها تكيد للسلطة كيداً، ولذلك فإنها تحمل السلطة المسؤولية عن كل ما يحدث حتى في الكوارث الطبيعية والفيضانات تحمل السلطة المسئولية، ولهذا نقول بأن هذا النوع من الفهم والتعاطي مع الأمور وهذا النوع من السياسة عند أحزاب المعارضة هو ما يبعث على الدهشة والحيرة، ويجعلنا نتساءل: ماذا عن السياسات والمواقف المبدئية التي يفترض أن لا تؤثر عليها العلاقة مع السلطة وإن كانت هذه العلاقة ليست جيدة؟ فالمبدأ يظل ثابتاً في كل الأحوال، فلماذا لم نقرأ ولم نسمع بياناً من أحزاب المعارضة في يوم ما يدين أو على الأقل يرفض تلك الشعارات والتصرفات التي تناهض الوحدة ويقول: إن ما يقوم به باعوم ومن معه يمثل تجاوزاً للدستور وللقوانين وللمبادئ العامة ويعد خروجاً عن النهج الديمقراطي، وإن وقوف أحزاب المشترك معهم في قضية ما لا يعني الموافقة على كل ما يقومون به وما يدعون له وإن مكاسب هذا الوطن ووحدته لا تقبل المساومة ولا تخضع للنقاش ولا يمكن القبول بالشعارات واللافتات التي تسيء لهذا البلد ووحدته مهما كانت الخلافات السياسية. إن عملاً كهذا من قبل أحزاب المعارضة لا يعد تنازلاً ولا تراجعاً عن مواقف وسياسات ولا يعد هزيمة بأي حال من الأحوال بقدر ما يعطي انطباعاً إيجابياً عن هذه الأحزاب ويخدمها في مواقف وسياسات أخرى ويعزز تواجدها في الساحة بصورة أكثر ايجابية ويضمن لها شعبية أكبر وتعاطفاً أكثر في قضايا أخرى، أما وقد التزمت الصمت تجاه مجمل القضايا الحساسة فلن يكون السكوت على هذا النوع من الممارسات من ذهب وربما يصبح الصمت أكثر خطأً من عمل..،،