تعيش أحزاب اللقاء المشترك حالة تخبط، لأنها لا تمتلك برنامجاً واضحاً ولا رؤية محددة المعالم والأهداف لما تريده هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأنها تعيش أزمة داخلية غير معلنة حول الكثير من القضايا وفي مقدمتها الاستحقاق الانتخابي القادم. فالجميع يدرك عدم إمكانية الاتفاق حول قائمة موحدة لمرشحيهم كمنافسين للمرشحين الآخرين في الدوائر النيابية. فكل واحد منهم له حساباته الخاصة به ويريد الاستحواذ على أكبر قدر من الدوائر وكل واحد منهم يعتبر أن هناك دوائر مفصلة على مقاسه وخصوصاً حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يسعى لاسترداد الدوائر التي فقدها في انتخابات 1997م و2003م فيما يراهن الحزب الاشتراكي اليمني على إثبات وجوده من خلال الفوز بأكبر قدر من الدوائر البرلمانية التي تؤهله لتشكيل كتلة برلمانية يكون لها ثقل تحت قبة البرلمان، أما التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري فهو يحلم بارتفاع عدد مقاعده في مجلس النواب القادم ولو بمقعد واحد على مقاعده في المجلس الحالي ليثبت أنه يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة تؤهله «لمناطحة» الإصلاح والاشتراكي أما الثلاثة الأحزاب الأخرى المكملة لتحالف اللقاء المشترك وهي «حزب البعث العربي الاشتراكي حزب الحق اتحاد القوى الشعبية» فحجمها معروف لا يؤهلها لأن تحلم بالفوز حتى بمقعد واحد لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتنازل لهم الإصلاح أو الاشتراكي أوالوحدوي الناصري عن ثلاث دوائر هم بحاجة إليها أصلاً كون كل واحد منهم يريد الفوز بأكبر قدر من المقاعد.. هذه هي الإشكالية الحقيقية التي تعانيها هذه الأحزاب وهذا مادفعها إلى افتعال أزمة حول مشروع التعديلات على قانون الانتخابات العامة وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء بهدف عرقلة إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر «72 إبريل9002م» والتنصل من كافة الاتفاقات التي تم التوافق عليها في الانتخابات السابقة.. والجميع تابع جلسة مجلس النواب المنعقدة في 71 أغسطس المنصرم والتي كان مقرراً فيها أن تحضر كتلة أحزاب اللقاء المشترك قائمة مرشحيهم لعضوية اللجنة العليا للانتخابات والتصويت على مشروع التعديلات على قانون الانتخابات والاستفتاء المقدم إلى مجلس النواب التي تم التوافق عليها من قبل الأحزاب خارج مجلس النواب، وكان أعضاء كتلة المؤتمر الشعبي العام صاحب الأغلبية في البرلمان قد وافقوا على تلك التعديلات رغم ما فيها من تنازلات كبيرة باعتبار أن مشروع التعديلات توافقي بين الأحزاب ولكن أحزاب المشترك لم تف بما التزمت به في جلسة البرلمان في اليوم السابق «السبت 61 أغسطس 8002م» بإحضار قائمة أسماء مرشحيهم لعضوية لجنة الانتخابات فطلبوا مهلة إلى اليوم التالي، والجميع شاهد الدكتور عبدالرحمن با فضل رئيس كتلة حزب الإصلاح «أكبر أحزاب المشترك» وهو يقسم اليمين أنهم سيحضرون قائمة الاسماء في اليوم التالي «الاثنين 81 أغسطس» وإذا لم يتم ذلك فمن حق المجلس اتخاذ اجرءاته الدستورية والقانونية في التصويت على قائمة الاسماء المرشحة لعضوية اللجنة العليا للانتخابات وإقرار العمل بقانون الانتخابات النافذ.. وهذا ما حدث بالفعل فلم يلتزم «المشترك» بإحضار قائمة باسماء مرشحيه فقام مجلس النواب بممارسة صلاحيته الدستورية فصوت على قائمة اسماء المرشحين لعضوية لجنة الانتخابات والمكونة من خمسة عشر شخصاً وإقرار العمل بالقانون النافذ حيث إن الوقت ضيق ولم يعد هناك إمكانية لمزيد من المماطلات التي هدفها تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد. أحزاب اللقاء المشترك اعتبرت قيام مجلس النواب بواجباته الدستورية انقلاباً على القواعد الديمقراطية كما ورد على لسان أمين عام حزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي في المؤتمر الصحفي الذي عقدته أحزاب المشترك في ال 62من أكتوبر الماضي والذي تم فيه توجيه الدعوة لقواعدهم بمقاطعة الانتخابات.. أما أمين عام التنظيم الوحدود الشعبي الناصري والرئيس الدوري للقاء المشترك سلطان حزام العتواني فقد قال في حديثه لصحيفة «البيان»: «نحن نحمل المؤتمر الشعبي العام مسؤولية عدم إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد» وهذا كلام عجيب غريب لأنه كذب وتزييف للحقائق ومغالطة عيني عينك، وكما يقول المثل «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس» فمن الذي يريد تأجيل الانتخابات؟ هل الذي قدم الكثير من التنازلات وغلّب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية من أجل تعزيز النهج الديمقراطي وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد أم ذلك الذي افتعل الأزمات وتنصل من كافة الاتفاقات والالتزامات ووضع الشروط التعجيزية والتي كان آخرها عدم الاستجابة لمبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية والمكونة من أربع نقاط تضمنت اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصويت على مشروع التعديلات على قانون الانتخابات وإضافة عضوين إلى القوام الحالي للجنة العليا «واحد من أحزاب المشترك والآخر من أحزاب المجلس الوطني للمعارضة» والرد على تلك المبادرة برفع سقف المطالب التعجيزية ومنها «اعتماد نظام القائمة النسبية كبديل للنظام الانتخابي الحالي إلغاء الموطن الانتخابي الثالث «مكان العمل» تشكيل اللجنة العليا واللجان الانتخابية من الأحزاب على قاعدة التوازن بين السلطة والمعارضة، ومطالب أخرى ما أنزل الله بها من سلطان الهدف منها أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وأخيراً عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.