مازال الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج يحلم بالتغيير السلمي للحياة والسلطة والمجتمع والمؤسسات والإنسان دون عنف أو مؤامرات وانقلابات، بعيداً عن ثقافة التخريب والاقتلاع والإقصاء، وتدخّل الأقرباء والبعداء، دون استقواء بالخارج وإضعاف الداخل، تغييراً حضارياً يحترم الحقوق والواجبات؛ يحافظ على الماضي والحاضر والمستقبل.. في أمريكا الإنسان يصنع يومه وغده، لا يهمنا من الذي كان وراء نجاح أوباما ليكون رئيساً لأعظم دولة في التاريخ المعاصر، لكن ما يهمنا هو الدرس الخاص بالإصرار والتحدي على التغيير الأبيض للسلطة. التغيير الديمقراطي السلمي لا يحتاج إلى العنف والعنف المضاد، لا يحتاج لشق الصف وإعلان التمرد، لا يتطلب منا مقاطعة الانتخابات بل العمل والتخطيط وإعادة النظر في البرامج والمشاريع والخطاب السياسي والاجتماعي، في التواجد الفعلي إلى جانب البسطاء والعامة، دون مزايدات أو كذب مغسول وخلط بين الدين والسياسة. تغيير ديمقراطي يبدأ من المجتمع والفرد، لا يدعو إلى الخروج على الدولة والشرعية الدستورية، لا يلجأ إلى التفجيرات وقطع الطرقات وهتك السكينة العامة، وخطف السياح والآمنين، لا يخرب الاقتصاد ويشيع الفوضى ويضرب العملة الوطنية ويدعو إلى سرقة المال العام. المواطن الأمريكي أثبت للعالم أنه حضاري في مواطنته وسلوكه الاجتماعي وممارسته لحقه، وقيامه بواجبه، وطريقته في التعبير عن رأيه وقدرته الكبيرة على التغيير السلمي الديمقراطي المستمر، يحترم البرامج ويصوت لها، لم يعد أسيراً للعشيرة والمنطقة والقبيلة والشيخ. الخطاب النزيه الشجاع الحامل للقيم والخطط الواقعية هو المقنع الوحيد والأساس له حتى يعطي صوته لمن يستحقه لا لمن يسحقه ويتاجر به في الداخل والخارج. هل لنا إلى التغيير الديمقراطي السلمي المتدرج من سبيل دون صراخ وبكائيات، دون كذب واستغفال المواطن البسيط، دون استخدام الدين أو المنطقة والقبيلة وسيلة للاستقطاب وتحقيق الفوز، بعيداً عن المقاطعة ودس الرؤوس في الرمال، لا نفقد فيها حبنا لوطننا وآمالنا في حاضر سعيد ومستقبل أسعد؟!. أمنيات يمكن أن تتحقق لو أننا فقط شعرنا للحظة واحدة بالمسئولية الأخلاقية والدينية والوطنية، ولم تقدنا المماحكات الرخيصة إلى فقدان التوازن الأخلاقي والوطني.