بتاريخ 2008/10/13م كتبت موضوعاً بعنوان الأزمة المالية والعرب (لحظة فارقة) تناولت فيه أهمية استغلال العرب لهذه الأزة في تحقيق مكانة اقتصادية مؤثرة ونجاحات سياسية تعيد العرب إلى موقع الفعل والتأثير في المواقف السياسية الدولية بما يمكنهم من حل القضية الفلسطينية بالحد الأدنى من المطالب العربية التي حددتها المبادرة العربية في هذا الموضوع. الأسبوع الماضي حل رئيس الوزراء البريطاني (جوردن براون) ضيفاً على دول الخليج العربي بهدف حث دول الخليج المساهمة في حل الأزمة المالية عن طريق ضخ المزيد من الأموال للصناديق الدولية والأسواق المالية الغربية بعد أن وصل مستوى تهديد الأزمة المالية لانهيار دول أوروبية (ايسلندااوكرانيا المجر) ودخول الاقتصاديات الأوروبية والاقتصاد الأمريكي في ركود اقتصادي لا يعرف أحد إلى أي مدى يمكن أن يصل أثره على تلك الاقتصاديات. وزير الخزانة الأمريكي كان قد سبق (براون) إلى الخليج لنفس الهدف مستفيدين من وجود فائض مالي كبير وسيولة مهولة تمتلكها دول الخليج نتيجة ارتفاع أسعار النفط والتي وصلت رقماً قياسياً 741 دولاراً ، كما أن براون استطاع انتزاع عقود عمل بما لا يقل عن (008) مليون دولار للشركات البريطانية من الخليج العربي. وزير الخزانة الأمريكي الدعم الخليجي تم توجيه دعوة للمملكة العربية السعودية لحضور قمة العشرين التي ستعقد في امريكا منتصف الشهر الحالي للبحث في النظام المالي العالمي.. على المستوى الرسمي لم يصدر عن دول الخليج العربي ما يوحي بالتفاؤل لأن مغامرة خليجية في هذا الإطار بدون قراءة أسباب الأزمة ونتائج بحثها وهل الدعم الذي يمكن تقديمه للاقتصاديات الغربية سيعود بالفائدة على الاقتصاديات الخليجية بحيث يؤدي الدعم إلى إنعاش الاقتصاديات الغربية وبالتالي زيادة أسعار النفط إلى المستوى المعقول والمقبول خليجياً (08-001) دولار أم أن ضخ هذه الأموال لن يحقق ما تسعى إليه الخليج .. الأمر هنا يتعلق بمدى معرفة دول الخليج لجميع جوانب الأزمة المالية العالمية وحجم الخسائر التي ترتبت عنها وهو ما لايدركه النظام المالي الخليي حالياً وبالتالي فإن ضخ المال الخليجي بدون استقرار أسعار النفط هو مغامرة غير محسوبة العواقب. فهل تغامر الدول الخليجية بضخ مزيد من الأموال في المصارف الأوروبية المتعثرة والتي عجزت مئات المليارات والتي وصلت إلى أكثر من تريليون دولار التي ضختها امريكا وحلفاؤها الأوروبيون واليابان عن انتشالها من عثرتها واستعادة عافيتها فما ستقدمه دول الخليج من أموال ليس إلا قطرة من بحر الأزمة المالية التي رئيس الوزراء البريطاني أبدى تفاؤله في دعم الخليج لصندوق النقد الدولي الذي لم يعد يمتلك سوى (052) مليار دولار تم دفع (05) مليار دولار منها دعم للمجر وايسلندا، وبالتالي فإن الصندوق أصبح عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته الدولية وعدم قدرته على دعم أي دولة تهددها الأزمة المالية العالمية وحتى يضمن براون و أثبتت أنها أكبر من أية معالجات ترقيعية. رسالة أخرى أفصح عنها (براون) في المقابلة التي أجرتها معه قناة العربية حيث قال : (إنه يمكن أن يتم التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط بسرعة في ظل ظروف مناسبة وأكد ذلك مرة أخرى بقوله : (أعتقد أن ذلك ممكناً وأعتقد أن الناس يفهمون كيف يمكن لذلك أن يحصل) فهل يدرك العرب هذه اللحظة الفارقة أم أننا سنفقدها كما فقدنا غيرها .. اسرائيل سارعت إلى إدراك ما يمكن أن تفعله الأزمة المالية فأعلنت ولأول مرة على لسان رئيسها شمعون بيريز قبول المبادرة العربية والتي أطلقها العرب في قمة بيروت بمبادرة من ولي العهد السعودي آنذاك الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. إن إدارة هذه الأزمة بعقلية الاقتصادي والسياسي هو المدخل لخروج العرب من دوامة القضية الفلسطينية التي طال أمد حلها وتتطلب توافقاً فلسطينياً فلسطينياً وشعورهم بدقة المرحلة وأهميتها في حل قضيتهم ، كما أن فرض التواجد العربي في مجموعة العشرين يعني دخول دول عربية في صناعة القرار الاقتصادي العالمي. القمة الاقتصادية العربية المقرر لها أن تعقد في الكويت في يناير 2009م استبق انعقادها الدعوة التي وجهها الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لقمة عربية تناقش الأزمة المالية العالمية.. فهل يتم تقديم القمة الاقتصادية حتى يمكن مواجهة خيارات المستقبل برؤية شاملة وموحدة ؟