من الأخبار ما يبدد الآلام والأحزان، وهذا بالتحديد يتعلق بالخبر المُفرح الذي جاءنا ومن وادي حضرموت، فالمعروف أن الوادي تعرض لأكبر منسوب مائي جراء السيول المدمرة الأخيرة والتي أدّت إلى انهيار آلاف المباني، وجرف الأراضي الزراعية، وموت العشرات، وتشريد الآلاف من منازلهم وحقولهم. الخبر المفرح يتعلق باكتشاف معالم لمدينة تاريخية كانت مطمورة في الرمال والمزارع، وقد تكفّل السيل بجرف الأراضي الزراعية وإزاحة ملايين الأطنان من الرمال، وصولاً إلى إبراز بعض معالم المدينة التاريخية الممتدة على مدى الوادي . ما ظهر جلياً على السطح لايمثل إلا قمة جبل الجليد، فالمدينة تمتد في عمق الوادي وفي المناطق الصحراوية المجاورة، وتعد بالمزيد من الاكتشافات الأثرية الهامة، وهو الأمر الذي حدا بوزير الثقافة الدكتور محمد المفلحي إلى الإسراع في زيارة المنطقة والإشادة بوعي أهلها وحرصهم البالغ، ثم الأمر بتخصيص مبالغ تسمح بتسوير المنطقة والشروع في البحث الأثري الإجرائي، وصولاً إلى مزيد من الاكتشافات. تلك منفعة لم تكن منظورة أو متوقعة، وهي بطبيعة الحال لا تلغي الآلام والخسائر المادية والبشرية من جراء السيول، لكنها تأتي كرحمة مُهداة، ومنة إلهية قد تُشكل سبباً في النهوض بوادي حضرموت من خلال متاريسها الحضارية المتنوعة، فإذا كانت عمارة الوادي الماثلة عياناً تُشكل واحدة من عجائب المعمار الإنساني، فماذا يمكننا توقعه من مدينة قديمة مغمورة ؟!