غزة بعشرات الألوف من أهلها محاصرة بالموت والظلام والخوف والمؤامرة؛ ولا أحد حتى الآن هبَّ لنجدة غزة؛ لا من العرب ولا من العجم. وإذا كان الأجنبي لا يهتم بالعربي، فِلمَ لا يهتم العربي بالعربي، بل لِمَ لا تضغط المجموعة العربية وعدد دولهم اثنان وعشرون «ولحسن الحظ» لكل دولة مقعد في الأممالمتحدة كاملة السيادة؟!. كما أنه «لحسن الحظ» لكل دولة مقعد في الجامعة العربية التي أنشئت أصلاً لحماية العرب من أي عدوان. إن المحزن جداً ليس هذا الحصار القاتل على أهلنا في فلسطين من قبل الكيان الاسرائيلي البغيض، ولكن أيضاً من قبل بعض العرب الذين ليس لهم علاقات مع العدو الغاصب وحسب؛ ولكن لديهم «معابر» مع هذا الكيان؛ يمكن أن يدخل منها إلى أهلنا المحاصرين الغذاء والدواء والكهرباء. إن الأممالمتحدة بدأت تحتج على استحياء على هذا السلوك الاسرائيلي تجاه شعب فلسطين، وأعني بالأممالمتحدة أمينها العام وحسب؛ بينما لا يستنكر أعضاء الأممالمتحدة هذا الإجرام. ولو أن العرب مارسوا هذا السلوك ضد اسرائيل المحتلة الغاصبة لقامت الأممالمتحدة ليس بحصار الدول العربية وإنما لاستخدمت طائراتها القاذفة وأساطيلها وأي سلاح آخر لحماية هذا الكيان. وإذا كانت مصر - قلب العروبة النابض وعاصمة جامعة الدول العربية وزعيمة القومية العربية - تملك معبراً مع فلسطينالمحتلة، فإن مصر بهذا الرصيد التاريخي الجبار قادرة على أن ترفع هذا الحصار الجائر؛ لأن إقفال المعبر هو سياق عدواني ضد أهلنا الذين يساقون إلى الموت وهم ينظرون. كنا نطمع أن تشتعل المظاهرات في كل العالم العربي تنديداً واستنكاراً وهذا هو الممكن بهذا العدوان الهمجي، وهذا القتل عن سبق إصرار وإصرار وإصرار؛ غير أن هذه الجماهير في سبات عميق، بعد أن تيقنت أن صراخها لن يسمعه أحد ولا عزاء لأهل فلسطين. مرة أخرى كان رئيس الجمهورية اليمنية قد كسر هذا الصمت المتآمر؛ فدعا إلى أن تتدخل الأممالمتحدة ولو عسكرياً لإنقاذ شعب يموت جوعاً ومرضاً وخوفاً. ولئن كان الأمين العام للأمم المتحدة قد استجاب لبعض هذه الدعوة، فإن صمت زعماء العالم العربي لا يتناسب مع المروءة؛ بل الحكمة التي تميز بها هؤلاء الزعماء الحكماء!!.