تتفاوت الدراسات اليمنية في تقديراتها لعمر الاغتراب اليمني، فالبعض يبدأ رحلة الاغتراب منذ حقب موغلة في القدم تعتبر المد اليمني في نشر الرسالة الإسلامية في جنوب شرق آسيا هي بداية الاغتراب، فيما يرى آخرون ان الاغتراب بدأ في منتصف القرن التاسع عشر مع ظهور الحملات الاستعمارية الأوروبية والتركية، إلا ان الاغتراب في المحيط الاقليمي الخليجي لم يبدأ إلا في أربعينيات القرن الماضي. حتى اليوم لا توجد في اليمن أي دراسات دقيقة حول الاغتراب، كما لا توجد لدى الوزارة المختصة أي إحصائيات ولو تقريبية لأعداد اليمنيين المغتربين خارج وطنهم، وجهات الاغتراب،وما يتصل بذلك من آثار اقتصادية،واجتماعية، وثقافية.. كما لا توجد أي جداول بيانية تتابع الحركة الآفقية والعمودية للاغتراب اليمني وهو مؤشر خطير يضع عشرات علامات الاستفهام حول طبيعة الوظيفة المؤسسية لوزارة المغتربين. فإذا كانت هذه الوزارة تفتقر للإحصائيات، وللدراسات البحثية القائمة على منهج علمي، ولا مخططات بيانية للحركة السنوية للمغتربين، فكيف إذن تعمل، وكيف ترسم خططها، وتبرمج ميزانيتها،وتستعرض أنشطتها أمام مجلس الوزراء ؟ ومع ان الأخ رئيس الجمهورية حرص على ان يكون المغتربون جزءاً من برنامجه الانتخابي، ولا يترك زيارة لإحدى دول الاغتراب اليمني إلا واغتنم الفرصة بعقد لقاءات مع الجاليات اليمنية، ومناقشة أوضاعها، وإصدار التوجيهات بشأنها، إلا أن واقع الحال يؤكد عدم اكتراث الجهات المعنية في تمثيل البرامج والتوجيهات إلى واقع يلمسه المغترب، ويحس من خلاله أنه مازال مواطناً في الوطن الأم، ويحظى بنصيب من الاهتمام الحكومي، والخطط التنموية المختلفة. إن التقاعس عن المسئوليات إزاء المغتربين يتسبب بخسارة فادحة لليمن تتكبدها جراء عدم استثمار قطاع الاغتراب رغم تناميه السنوي واتساع أفقه.. في الوقت الذي نجد دولة مثل مصر تعتمد على قطاع المغتربين بما يقارب ثلث موارد الدخل القومي للدولة، بل إنها أيضاً تستثمر الأعداد الهائلة المغتربة في تعزيز علاقاتها مع الدول التي يغتربون فيها، وغالباً ما مثل المغتربون لها قناة العبور إلى مزيد من المصالح والاستثمارات الحيوية. قبل عام تقريباً وفي عهد وزير المغتربين السابق كنا نسمع ونقرأ عن الكثير جداً من الخطط والطموحات التي تسعى الوزارة لتحقيقها، ورغم أننا كنا نعرف ان النسبة الأعظم من تلك الوعود ستبقى في الأرشيف الإعلامي، إلا أننا اليوم لم نعد نسمع أو نقرأ حتى الوعود التي نمني بها النفس، ونسترجعها قبل النوم كي نشعر بالاطمئنان وراحة النفس، ونغفو.. فيا ترى ماذاحدث ؟ يقال إن الوزارة تحضر لمؤتمر عام للمغتربين، ولكني أتساءل : يا ترى ماذا بشأن توصيات المؤتمر العام السابق ؟ وما نسبة الانجاز منها ؟ فإذا مازالت على الرفوف فالأفضل توفير تكاليف المؤتمر العام الذي تخطط له الوزارة.. فليس من المعقول ان نورث أجيالنا كراتين توصيات كلفتنا عشرات ملايين الريالات والدولارات فيما عجزنا عن معرفة اعداد المغتربين.