انقضى العيد، وإجازته، وقضى الناس أيامهم ولياليهم مع أسرهم وأهلهم وأقاربهم وجيرانهم.. لكن كانت أيام العيد خالية من أي خصائص عيدية، أي أنها أيام خلت من الفرحة والسرور، فوجوه الناس تعكس ما بداخلهم.. ذلك الداخل المملوء بالحزن، والاكتئاب، وعدم الرضا، وغياب أي شعور بالسعادة، أو إحساس بالفرح. لا أعتقد أن هذا حالنا في اليمن، لكنه حال أشقائنا العرب والمسلمين، فعهدنا بالأعياد الدينية في سالف أيامنا، وحسب ذكرياتنا، رغم كل ظروفنا الصعبة آنذاك، إلا أننا عهدنا أيام أعيادنا فرحاً وسروراً، وكان للعيد مذاقه وطعمه الحلو، وكانت له طقوسه ومظاهره.. سيقول قائل لأننا كنَّا أطفالاً.. فأقول له: المشكلة أن الأطفال هذه الأيام لم تعد مظاهر العيد تشرق من وجوههم، فالأطفال أيضاً يحسون ويشعرون بالكبار ومعاناتهم وشكواهم من العيد وتكاليفه، ومن عجزهم وقلة حيلتهم أمام توحش السوق، وأمام المعاناة المُرَّة والمؤلمة للأمة العربية الإسلامية، ونظامها المستسلم للطاغوت الغربي الصهيوني إلى حد السكوت وغض الطرف، والإسهام جنباً إلى جنب في حصار أشقائنا من أبناء فلسطين في قطاع غزة. هذا القطاع الذي يعاني أهله من الموت يومياً، جوعاَ، ومرضاً، وبرداً، وظلماً، وقهراً، وعدواناً، لا لذنب اقترفوه سوى لأنهم يناضلون من أجل الحرية والسيادة، واستعادة الحقوق المسلوبة، ويسعون إلى تقرير مصيرهم وتحقيق وجودهم في هذا العالم أحراراً، وأسياداً على أرضهم.. ومعاناة شعب فلسطين ليست إلا نتاجاً لسلبية وضعف النظام العربي الإسلامي، وعجزه وعدم امتلاكه الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار، وتسليمه لعدوه الغربي الصهيوني. ليس هذا وحسب.. بل إن ما يُعانيه العراق من احتلال وحرب مدمرة، وما يُعانيه الصومال، وما يُعانيه السودان، وما يعانيه لبنان «مع الفارق في لبنان»، وما يعانيه الجزائر، وما يعانيه باكستان، وما تعانيه بقية الأقطار العربية الإسلامية ليس إلا برهاناً على عجز وضعف النظام العربي الإسلامي، سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وعسكرياً، وركونه إلى الدعة والراحة والوهن، وتسليمه مصيره ومستقبله للأعداء.. وهو ما أشعر الإنسان العربي والمسلم بالمهانة والذل، وسلبه الفرح والسرور والبهجة، وجعل من حياته حزناً وكآبة حتى في الأعياد والمناسبات المسرة، وسيظل الإنسان العربي والمسلم مشحوناً بالحزن والاكتئاب حتى يتغير النظام العربي الإسلامي، ويصحو من سباته، ويحقق وجوده في العالم.