صحيح أن حذاء منتظر الزيدي كان له السبق وقال كلمة الفصل في حق الرئيس الأمريكي في زمن الصمت العربي وعبر عن رأي الملايين من العرب والمسلمين.. حين قذف به في وجه طاغية العصر الحديث، ومن حق منتظر الزيدي وحق حذائه أيضاً أن يتحولا إلى أسطورة عربية ويصبحا رمزاً للكرامة والشجاعة التي اندثرت منذ سنوات ولم نعد نسمع عنها إلا في كتب التاريخ يوم كان للعرب شأن بين الأمم. والحق أقول إن هذا الحذاء أنفع ألف مرة من تلك الاسلحة التي يكدسها النظام العربي.. وأن منتظر الزيدي قام بما عجزت عنه فيالق الجيوش العربية الرابضة في ثكناتها لاتغضب لمقدسات تُدنّس وأعراض تنتهك ولاتغضب أيضاً لوطنٍ يحتل وسيادة تنتقص وشعب يذبح كل يوم قرباناً لحامي الحمى وولي نعمة الولاة والحكام. ولايجب أبداً أن نقف عند منتظر الزيدي وحذائه ونظل نمجد ماقام به ونتغنى ببطولته وشجاعته.. وكل مانقوم به أن نخرج في مظاهرات ومسيرات رافعين الأحذية في الهواء.. ومنددين بالاحتلال وعملائه.. مطالبين الحكومة العراقية بالافراج الفوري عن صاحب الحذاء العربي.. وإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق ووقف الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وشدة بأسنا وثورة غضبنا أن نصب اللعنات على أمريكا وإسرائيل ومن والاهما. وننهال بالأحذية على العلمين الأمريكي والاسرائيلي قبل إحراقهما في ثورة الغضب العربي منذ سنوات.. ثم نعود إلى منازلنا يملؤنا الفخر والعظمة لهذه الإنجازات التي غيرت وجه التاريخ وأمام شاشات الفضائيات نتحدث عن تلك المسيرات الحاشدة وعن الشخصيات التي شاركت ونترك للمحللين قراءة وتفسير دلالات ماقمنا به نحن الشعوب العربية لنصرة قضايانا.. كما هو حال تلك الحشود التي اجتاحت بغداد مطالبة بالافراج عن منتظر الزيدي ومعلنة غضبها على الحكومة العراقية والمحتل الأمريكي.. ومع ذلك لم تنفذ مطالبها فلم يخرج المحتل ولم يغادر العملاء. ولم تستجب الحكومة لمطالب شعبها الغاضب جداً.. وقبل هذا لازال منتظر الزيدي بطل موقعة الحذاء أسيراً ذليلاً مهاناً تنتهك حريته وكرامته وإنسانيته ويلاقي صنوف العذاب مثل غيره من آلاف العراقيين والعراقيات في سجون الاحتلال الأمريكي، فمنتظر الزيدي في نظر سجانيه مجرم خارج عن القانون والنظام أهان بحذائه رئيس دولة عظمى وليست أية دولة وإنما هي أمريكا بكل جبروتها وسلطانها وهذا الرئيس ليس أي رئيس وإنما هو الرئيس الذي حرر العراق وشعب العراق والولاة ولولاه لما كان هذا هو حال العراق والعراقيين ولولاه أيضاً لما كان حكامهم هؤلاء المتأمركون الذين يدينون بالولاء لأمريكا أكثر من ولائهم للعراق ولو أنصف حكام العراق وأمعنوا النظر قليلاً بما آل إليه شعبهم ووطنهم على يد بوش وجنوده ومرتزقته وأحصوا عدد القتلى والمشوهين والايتام والأرامل والمشردين والمساجين دون ذنب اقترفوه غير أنهم عراقيون.