لليوم الثالث عشر والعدو الصهيوني يشن عدواناً همجياً وحشياً غير مسبوق في التاريخ على مليون ونصف من الفلسطينيين، عزّل من كل الأسباب لمواجهة هذا العدوان البري الواسع، والجوي المرعب الذي شكَّل طيرانه غطاءً على سماء القطاع. وأصمّ هديره أسماع السكان العزل، ودمرت صواريخه كل مواطن الحياة، والأحياء، وعلى نحو عشوائي، وبإسناد بحري مكثف، مع استخدام ألوان وأنواع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة، ولم يمثل هذا العدوان جريمة حرب.. بل قتل بالجملة بلغوا السبعمائة شهيد، والآلاف من الجرحى، ومئات المساكن المدمرة، وعشرات الآلاف من المشردين واللاجئين في المدارس وفي ظل الخرائب.. أشلاء أطفال، وشيوخ، ونساء وسكان عزّل، مناظر تبكي لرؤيتها الحجارة، فتتشقق وتخرج منها مياه متدفقة تغذي الحياة وتغذي الكرامة، ناهيك عن إن كان الناظر إنساناً يمتلك مشاعر، ويتحرك في داخله روح، وبين جنباته قلب، ويجري في عروقه دم، إذ من المفترض أن يتفجّر غضباً وحزناً في وقت واحد، ويشكل دمعه مورد إسداء لمشاعره، فيؤدي إلى تحريك مشاعره وتوجيه غضبه إلى إرادة قوية للمناصرة، وحزنه إلى وقود يغذي هذه الإرادة، ويتشكل من عقله وقلبه وإمكانياته إنسان مقاوم، ممانع، منحاز للحق، ومدافع عن المعتدي عليه، وعامل على رد العدوان على أعقابه بالنفس والنفيس. هذه هي الصورة المفترضة لإنسان يرى ويتابع ما يقوم به العدو الصهيوني من حرب إبادة لاجتثاث المقاومة والبيئة السكانية الحاضنة لها، هذه الصورة مفترضة لإنسان يرى على أجساد الرضع والأطفال بعمر السنتين والثلاث رصاص الغدر والإثم والبربرية، وأجساد أخرى لأطفال تمزقت إلى أشلاء، وسحقت عظامهم الطرية وأجسادهم الصغيرة، أجساد لأطفال بعمر الربيع ارتقت إلى بارئها وهي تحاول ممارسة الطفولة على أسطح منازلها أو على الأبواب، والسؤال: أين صاحب هذه الصورة، الذي يجب أن يمتشق إرادته ويسن سلاحه ويصدع بقراره في النصرة لتلك الأجساد، انتقاماً من تلك الوحشية المدعومة من وحوش العولمة، وبرابرة الديمقراطية ومصاصي دماء أحرار العالم، وجزاري البراءة، وقاتلي الإرادة الحرة، ومدمري السيادة، الناشرين للفساد في البر والبحر، وكل شواذ العالم، وشذاذ الآفاق. والنصرة لاتتطلب الوصول بالجسد إلى غزة والالتحام مباشرة بالغازي الغاصب، المجرم، العابث بكل قيم الحق والعدل، بل يمكن له أن يصل إلى غزة بموقفه الساند والداعم، بواسطة الخروج إلى الشارع، وتنظيم النفس مع الغير الذين يحملون ذات المشاعر، ووصلوا إلى ذات القرار، والعمل المنظم المدروس والمشروع على تكثيف الضغط على الحكومات والقادة العاجزين والخائفين، وحملهم بالأساليب الدستورية على إعلان مواقف حازمة وقطعية تنهي كل صلة مع «البيت الأسود» بواشنطن لمواقفه الدائمة والداعمة لكل فعل عدواني يستهدف الأمة وإرادتها وقرارة وحقها ، ويتكرر اليوم بغزة، بإعلانه أن حرب الإبادة التي تجري لأهلنا هناك، هي حق للمعتدي ودفاع عن النفس!! يا سبحان الله!! كيف يمكن أن يقبل أحرار العالم مثل هذا القول، ناهيكم عن إحرار الأمة وأبنائها الأبرار الشرفاء.. ولذلك فإن مواقف رداعة لهذا الطغيان الصهيو أمريكي باتت ضرورة لحماية السلم والعدل والتعايش في العالم.. وعلى نحو خاص في الوطن العربي، وما يترتب عليه من آثار تنعكس سلباً على كل العالم. وفي هذا السياق نسوق تحية لشافييز - رئيس فنزويلا ونعبّر عن اعتزازنا بمواقفه، ويسعدنا أن نكون معه وتحت لوائه في مواجهة الطغيان الدولي.. وتحية لأردوغان - رئيس الوزراء التركي على مواقفه وقوة منطقه، والجرأة في مؤازرة الحق رغم ما قد يدفعه من أثمان باهظة في سياق مستقبله السياسي المتصل بالطموح التركي بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تحية له، لكل ذلك، وتحية له لأنه قال ما لم يقله الزعماء العرب. من غزة النصر سيأتي الغد العربي المنصور.. غزة الشمس التي تمد بدفء جهادها وحيوية اقتدارها وثباتها نفوساً مقهورة أضناها صقيع الاستبداد وزمهرير الطغيان، بالدفء والإحساس بالحياة.. غزة الصوت الهاتف بالحق، والمعبّر عن الحق، والمرابط على الحق، يوقظ أنفساً أصابها الخدر، ويكشف أنفساً مات فيها الإحساس بالغيرة، والانتماء العقدي والقومي للأمة، لذلك استأثر الله سبحانه وتعالى بغزة، وأكرمها بهذه الوقفة الجهادية العظيمة والشماء، وبأعداد الشهداء الذين ارتقوا، وترتقي بعدهم أعداد إلى رحاب ملكوته وفسيح جناته، وخلود رضوانه. لكم الله، ولغيركم إبليس العصر وخاتمته. والله من وراء القصد