التنمية بمفهومها الواسع لا يمكن أن تكون ولا يمكن أن تنجح إلا بوجود إرادة قوية وصادقة للولوج في هذا الميدان الواسع، لأن التنمية سواء أكانت التنمية الصناعية أم الزراعية أم السياسية أم غيرها من ميادين التنمية لا تستند في نجاحها على الشعارات والخطابات والخطط البعيدة عن الواقع؛ بل إنها تستند على الأرقام والخطط العلمية المدروسة ابتداءً من إيجاد البُنى التحتية وخلق بيئة استثمارية مريحة تجعل المستثمر يطمئن على ما سيقوم به من مشاريع استثمارية. وأهم من ذلك كله هو توفر شرطين أو عنصرين أساسيين ومهمين لنجاح أية تنمية أو تطور في أي مجال من المجالات، وهذان الشرطان هما قوة الأمن وقوة القضاء لأي بلد ينشد البناء والتنمية، ودون توفر هذين الشرطين وفي غيابهما لا يمكن أن تكون هناك تنمية. وللحقيقة نقول بأن هناك بلداناً توافرت بها كل هذه العناصر والشروط ، إضافة إلى الإدارة الناجحة استطاعت أن تبلغ مجدها في الكثير من الميادين وأهمها ميدان الصناعة والزراعة إلى غير ذلك؛ ومثال ذلك ماليزيا التي أبهرت العالم في الطفرة الصناعية التي حققتها في وقت قياسي، فأصبحت ماليزيا من الدول المتطورة صناعياً بفضل سياساتها الحكيمة التي اتبعتها والتي كانت سبباً في الوصول إلى ما وصلت إليه. هذه السياسة التي أوضحها الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا السابق عندما حلّ ضيفاً على اليمن حضر فيها المؤتمر الذي دعت إليه غرفة صناعة وتجارة حضرموت الذي كان بعنوان «صُنع في اليمن» وحضرته فعاليات اقتصادية وصناعية عديدة وكان لمهاتير محمد مداخلات ونشاطات في ذلك المؤتمر أراد من خلال ذلك أن يستفيد اليمنيون من التجربة الماليزية الناجحة. حيث حدد من خلال مداخلاته المنطلقات التي يجب أن تكون للوصول إلى الهدف المرجو، وقد أشار إلى أن اليمن قادرة على ذلك فيما لو التزمت بصدق بالعناصر والشروط التي ذكرت في السطور السابقة. لذا نقول بأن ما طرحه الدكتور مهاتير محمد عن التجربة الماليزية يجب أن يكون ملهماً لنا لنبدأ الخطوة الأولى في هذا السبيل لاسيما أن البيئة الاستثمارية في اليمن خصبة ومواتية لخلق تنمية واسعة ومتطورة، ولنبدأ في بناء البنية التحتية وتطوير الإدارة والقضاء على البيروقراطية المفرطة والمنفرة، وضبط الأمن، وتفعيل القضاء القوي القادر على فرض هيبة القانون، والتركيز على التعليم المهني والنوعي المصاحب لأية عملية تنموية. بهذا كله نستطيع أن نحقق ما نصبو إليه لاسيما أن هناك عوامل مساعدة ستجعل من النجاح مؤكداً منها وجود الأيدي العاملة الرخيصة، وتوافر المواد الخام بالإضافة إلى السوق الاستهلاكية الكبيرة. نحن لا نريد أن نقيم المؤتمرات والندوات واللقاءات لنضع مقرراتها وتوصياتها في الأدراج وحسبة بسيطة معي لعدد المؤتمرات والفعاليات الهادفة إلى النهوض بالتنمية في بلادنا والتي عقدت في بلادنا ستجدها بالعشرات بالإضافة إلى حضور وفود كثيرة من بلادنا حضرت الكثير من الفعاليات الاقتصادية؛ إلا أن النتيجة لم نلمسها على أرض الواقع مما سبب ذلك عبئاً كبيراً على خزينة الدولة للأموال التي صرفت من أجل ذلك. في الأخير أقول: على الحكومة والجهات المعنية بالتنمية في بلادنا أن تستفيد مما طرحه مهاتير محمد في هذا الخصوص، وأن تعمل على تفعيل ذلك على كل البرامج الهادفة إلى النهوض بالعملية الاقتصادية والتنموية في بلادنا إلى مستوى الطموح الذي ننشده جميعاً.