خلال السنوات الماضية، التي أعتبرها اختباراً وتجربة لفشل هذه السياسة، بل وسوئها، فقد أدخلت العالم في دوَّامة عاصفة من الفوضى وعدم الاستقرار العالميين، وكان تأثيرها تخريبياً على الوضع الدولي، كما أظهرت مدى الأنانية الأمريكية، واستعدادها لتدمير العالم كله من أجل أطماعها الجشعة في السيطرة والهيمنة على العالم ومقدراته وثرواته وإمكاناته، وسلبه حريته وسيادته، وإخضاعه لإرادة ورغبات الإدارة الأمريكية المتوحشة لاحتكار واستغلال واستعباد الشعوب.. هذه السياسة أفقدت الولاياتالمتحدة المصداقية، وأفقدتها ثقة العالم، الأمر الذي أدى إلى ميلاد سياسات عالمية رافضة ومقاومة للسياسة الأمريكية.. صحيح أنها بدأت سياسات سلبية أو مقاومة سلبية، لكنها بدأت اليوم إيجابية عبر مواقف صريحة وعلانية ضد السياسات الأمريكية، حتى الشعب الأمريكي ولُدت فيه ونمت وتنمو تيارات معارضة ترغب في «تغيير سياسة بلادهم» مع العالم، وهو ما تأكد من خلال الشعار الذي رفعه «أوباما» في الانتخابات الماضية، وهو شعار «نحن نؤمن بالتغيير»، «نحن نحتاج إلى التغيير»، فكان وقع هذا الشعار كالسحر على المجتمع الأمريكي فتوجه بأصواته لصالح «أوباما». سياسة أمريكا أدت إلى عودة الصراع الدولي، والحرب الباردة، وسباق التسلح، والسباق على مواقع النفوذ.. ولاحظوا اتجاهات السياسة الروسية اليوم ومنذ فترة قصيرة مضت بقيادة «بوتن» و«ميدفيديف» الرئيس الحالي لروسيا، وإقدام روسيا على اجتياح «جورجيا» عسكرياً لدعم «أوسيتيا» و«الأبخاز»، وأيضاً عودتها إلى الشرق الأوسط من بوابة «سوريا» و«ليبيا»، وكذا سابقاً عبر دعمها وموقفها القوي مع «إيران». ليس هذا وحسب.. فهاهي روسيا تعود نحو الغرب إلى «كوبا»و«فنزويلا»و«أمريكا الوسطى» «نيكاراجوا»، ومشروع حفر قناة تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي.. أيضاً عادت إلى أمريكا اللاتينية من خلال علاقات عسكرية واقتصادية مع فنزويلا، ودول أخرى. في ظل السياسة الدولية الأمريكية اتجهت دول أخرى عربية وإسلامية وغيرها نحو روسيا الاتحادية لتوطيد العلاقات معها.. أيضاً اتجهت دول إلى الصين التي اتجهت أيضاً في مواجهة السياسة الأمريكية نحو أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهو ما أيقظ أوروبا بقيادة «ساركوزي» ليعيد صياغة العلاقات الفرنسية - الأوروبية وفقاً للمصالح الفرنسية - الأوروبية. إن ثلاث قوى صارت في مواجهة السياسة الأمريكية«روسيا - الصين - أوروبا»، ومعهم حلفاء في القارات الجنوبية.. روسياوالصين أعادتا اهتماماً ملحوظاً بقدراتهما العسكرية وتطويرها في عودة لسباق التسلح، واهتماماً بمواقع النفوذ، والسباق في ذلك، نتيجة للسياسة الأمريكية الإمبريالية، وفشلها في قيادة العالم، وحتى أمركته.. فكانت سبباً لعودة الحرب الباردة.