لأول مرة أدرك حقيقة أن الشعر«يسنب» في الرأس وأنها ليست مقولة مقتصرة فقط على الدعابة أو التهويل لموقف ما. وجدتها حقيقة ماثلة فوق رأسي وأنا أستمع إلى حوار مع المفكر المصري الدكتور/طارق حجي في احدى الفضائيات والتي كشفت هول مانحن قادمون إليه خلال الثمانين عاماً القادمة.. تحدث عن النفط وما أدراك ما النفط؟ وبشر بقرب انتهاء العصر البترولي وعودة البشرية إلى عهود ماقبل الحجري فالذهب الأسود يمثل النعمة التي نحن فيها وبدونه كل شيء في زوال. ثقافتنا البسيطة ربطته بوسائل المواصلات ودبة الغاز والفانوس الذي يلازمنا كلما انطفأ التيار الكهربائي إلا أنه في الأصل يدخل في صناعة كل شيء من الابرة وحتى الصاروخ فالكهرباء تحتاج إلى نفط والكمبيوتر لايعمل إلا بالكهرباء أي بالنفط والملابس التي نرتديها والبطانيات التي نتغطى بها وستائر المنازل هي احدى منتجات المشتقات النفطية والمواصلات بمختلف أشكالها وكذا التلفون السيار لايمكن أن يعمل إذا لم تكن هناك أقمار صناعية حيث لن تنطلق إلا بوجود النفط وكذا البنوك، كل شيء نفط في نفظ.. تخيل أن كل ماحولك توقف فجأة وأصبح مطلوباً العيش دون مساعدة نفطية.. لاشك أن الشعر سوف«يسنب» أو قد يختفي هو الآخر عن النمو. العودة إلى العصر الحجري أو الفحمي أصبح مستحيلاً فالحطب الذي كان أجدادنا يستخدمونه في طهي الطعام لم يعد موجوداً بعد غزو الاسمنت الأراضي الزراعية وطغي المدينة على الريف. والحمار الذي كان أهم وسيلة مواصلات إلى ما قبل الثورة النفطية أصبح شبه منقرض، أشياء كثيرة لايمكن أن تعيدنا إلى العهود البدائية لأنها هي الأخرى باتت مستحيلة. لن ندرك ذلك الزمن فنحن اليوم نكتوي فقط بتقلبات سعر النفط.. والكارثة سوف ترحل إلى أبناء أبنائنا وحينها سيشاهدون المسئولين وهم يركبون الحمير «صرف بدل منصب» والذي بلاشك سيصبح سعره أغلى من المونيكا. والصحف التي نعمل فيها أ'ظنها لن تكون مطبوعة وستوزع محرريها على الأسواق الشعبية وتعطي لكل واحد بوق أو طبل يدعو فيه الناس للتجمع ليقراء عليهم نشرة الأخبار ثم يعودون بحمار للبحث عن حدث آخر.. اللهم اجعله رازم.