لا يمكن تصور قراءة المشهد الراهن والمحتمل في الولاياتالمتحدة خارج نطاق قراءة استعادية وامضة لتقاليد الماضي القريب سواء في السياسة الداخلية أم الخارجية، ويمكن الانطلاق أساساً من عهدين قريبين أولهم عهد الديمقراطيين برئاسة «بيل كلنتون» والثاني عهد الجمهوريين برئاسة «جورج بوش الابن». وهنا يمكننا التفريق إجرائياً بين العهدين مع ثبات الخطوط العامة للسياسة الأمريكية، حيث يتجسّد وجه التفريق في أن الديمقراطيين يتباعدون مبدئياً عن الروح الريغانية القاضية باندفاع الولاياتالمتحدة صوب السياسات التنموية المفتوحة والسياسات الدولية المُتصلة بنظريات المبادأة الاستراتيجية.. تلك التي تتبنى برامج حرب النجوم، والحل عبر التسخين والتوتير فيما يسمى ب «الفوضى البناءة» ونسج سيناريوهات داخلية تبرر مثل هذه السياسات كما حدث في سبتمبر عندما بدأ الفعل الإرهابي التراجيدي الذي تمثل في تدمير الأبراج موصولاً بتسهيلات ضمنية، أو بتساهل أمني لا تفسير له. والأغرب من هذا وذاك أن عملية تصوير الارتطام التالي للطائرة بالأبراج بدا حرفياً لأبعد الحدود، فيما تسنّى للمصورين الوقت الكافي والانتظار المريح لينقلوا للعالم عملية الارتطام التالية، كما جاءت الاتهامات سريعة ومباشرة، فالفاعلون إرهابيون عرب، والأسماء والصور معروفة سلفاً!!. جاءت أحداث سبتمبر بمثابة محطة انطلاق تبرر ما ذهب إليه اليمين الجمهوري من سياسات مسطورة في البرنامج الانتخابي الأول لبوش الابن، فقد ورد في ذلك البرنامج جملة من الخيارات المُفارقة لما يمكن تسميته بالحذر في التصريح بأقوال حادة وسياسات ناتئة. لكن ذلك هو ما حدث عملياً في برنامج الجمهوريين الانتخابي والذي أومأ ضمناً إلى الديمقراطيين من حيث كونه مُغايراً لطريقتهم في التعامل مع الخيارات والأولويات مما سنأتي عليه تباعاً.