حتى نصل الحاضر الأمريكي بالماضي القريب، وحتى نتمكّن من قراءة التحديات الثقيلة التي يواجهها الديمقراطيون سنستعرض بعضاً من مرئيات الجمهوريين الريغانيين، فقد ورد في البرنامج الانتخابي الأول لبوش الابن ما يلي: .. اعتبار أن أمريكا اللاتينية لم تعد «الفناء الخلفي» الأساسي للولايات المتحدة، بل إن الشرق الأوسط هو الفناء الخلفي الجديد، وهذا يعني أن تتجه السياسة الأمريكية صوب الشرق الأوسط الكبير باعتباره عمقاً أمنياً بالمعاني العسكرية والاقتصادية والسياسية. واللافت للنظر هو أن أحداث سبتمبر أذنت بترجمة فعلية لهذه السياسة، حيث تبنّى الريغانيون الجدد المشروع الشرق أوسطي الكبير، وتغيير الأنظمة بالترغيب والترهيب، وصولاً إلى شن حربين مباشرتين على العراق وأفغانستان، وحرب عالمية موازية ضد الإرهاب المرصود والعائم معاً. .. اعتبار منطقة الأسكا الجليدية منطقة استثمار، وإلغائها كمحمية طبيعية، الأمر الذي أدّى إلى كشف عورة النظام الأمريكي بيئياً، وأضاف إلى رفض التوقيع على اتفاقية «كيوتو» لحماية البيئة عنصراً داخلياً يصب في ذات المجرى. .. تطبيق نظريتي «الفرصة السانحة» و«المُبادأة الاستراتيجية» اللتين تصُبان في مجرى إحياء برنامج حرب النجوم الريغني والذي يخلط بين الحقيقة والخيال، ويتصل من طرف خفي بالنصوص التوراتية الغامضة، وهو ما فسّر تالياً النزعة الأيديولوجية الدينية التي حكمت عقلية أبرز القيادات اليمينية الجمهورية وعلى رأسهم بوش الابن. .. التخلّي الإجرائي عن مرئيات الدعم العملي لميزانيات الولايات الفقيرة في الاتحاد الأميركي، وتشجيعهم على تدوير المُدخلات المالية في سوق المضاربات المالية والعقارية بدلاً من انتظار مساعدات الميزانية الاتحادية، وهو الأمر الذي أسهم في عمْلقة سوق المال العالمي «وول ستريت» وأفضى في المُحصلة إلى أزمات الرهن العقاري والبورصات والأسهم والبنوك مما نرى رجع صداه اليوم في كل أرجاء العالم. تلك العوامل في مُجملها شكّلت الوجه المقابل لسياسة الديمقراطيين، وهذا يسمح لنا بالتحليق تالياً بقراءة المختلف والمؤتلف بين الجمهوريين والديمقراطيين؛ وذلك عطفاً على وصول أوباما الديمقراطي وتدشينه عهداً جديداً.