الهاوية المالية ليست حالة أمريكية فحسب كما أسلفنا، بل ترمي بظلال وافرة على مختلف الاقتصاديات العالمية، وخاصة تلك الاقتصاديات التيٍ سارت على درب روشتات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للتنمية، واتفاقية (الجات) للتجارة والتعرفة الجمركية. ذلك أن هذه المنظومة من المؤسسات المالية والتجارية والاستثمارية الدولية نابعة أصلاً من مركزية الدولار المعمول بها منذ اتفاقية ( بريتن وودس) النقدية بعد الحرب العالمية الثانية.. تلك التي تواضعت في تطبيقاتها طوال فترة الحرب الباردة، ثم استأسدت بعد (الانهيار الحر) للاتحاد السوفيتي وكامل المنظومة الاشتراكية الدولية التي كانت تدور في أفلاكه الواسعة. بالترافق مع الانتصارات السياسية المتتالية لليمين الجمهوري المحافظ تَموْضع الاقتصاد الأمريكي في مربع الوهم الأكبر، واندفع أنصار إدارة المستقبل بالحرب صوب متاهة جنونهم الكبير، حيث باشروا بتسريع تطبيق سياسات المبادأة الإستراتيجية الدولية، وامتشقوا حُسام حرب كونية متعددة الأذرع، وتقدَّموا بخُطىً ثابتة صوب سياسات التشبيك المالي المقرون بالقروض العقارية المترفة، واعتبروا الميزانيات المحلية للولايات الأمريكية مجرد أرقام مالية قابلة للتدوير الحر في بورصة المال المجرد ، كما ورد بنص العبارة في البرنامج الانتخابي الرئاسي قبيل رئاسة بوش الإبن، فكان ما كان مما سيُحكى إلى يوم الخروج الكبير من شرنقة الوحشية الرأسمالية في نموذجها الأمريكي الفاقع. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك