بعد الحرب العالمية الثانية رأت الإدارة الأمريكية الحلفاء الغربيين مجرد أتباع لها، وكانت تلك الإدارة مُصرّة على تسطير عهد جديد في العالم تمثّل في النظام النقدي الموصول بمرئيات «بريتن وودس» ، والذي اتسق مع مؤسستي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتنمية والاستثمار، ولاحقاً اتفاقية “ الجات” للتجارة والتعرفة الجمركية، ليشكلوا معاً هيئة الأركان الكبرى لحراسة مرئيات بريتن وودس، والنظام النقدي الدولي الذي اجترحته خارج نواميس التاريخ والجغرافيا والحكمة . منذ تلك اللحظة بدأ الإخلال بقانون العملة، حيث اعتُبر الدولار الأمريكي مركز ما يُسمى بسلة العملات الصعبة، واستندت هذه المركزية إلى كميات الذهب المتوفرة في البنك المركزي الأمريكي، بالترافق مع القوة النمائية للاقتصاد الأمريكي، وكذا القوة العسكرية الضاربة للمُنتشين بالنصر على ألمانيا واليابان وايطاليا. وهكذا بدأت دورة جديدة في الاقتصاد الدولي، أصبحت فيها العملة تابعة للإرادة السياسية. فاقدةً من حيث المبدأ لجوهرها المترابط مع وظائفها الحيوية، بوصفها مستودعاً ومعياراً للقيمة، ووسيلةً للتبادل، وطريقةً لتدوير الائتمان. لكن الأفدح من ذلك تمثل في إحلال الدولار محل العملات العالمية المنظوية تحت لواء سلة العملات الصعبة، فكان على الولاياتالمتحدة أن تطبع العملة لها ولغيرها، ففاضت أوراقها «الخضراء» بالتريليونات المتجاوزة لقانون الغطاء والاحتساب ، وهكذا تمهّد الطريق لما سيأتي من خرائب لاحقة . [email protected]